كثيرة هي أسباب الانتكاسة والعودة إلى الإدمان، فإن الانتكاسة تعتبر من المظاهر السلبية التي تظهر على بعض المدمنين بعد الشفاء من الإدمان، بل هي مظهر على وجود بعض الخلل في مراحل العلاج المختلفة.
في هذا المقال نسلط الضوء على معنى الانتكاسة والعودة مرة أخرى إلى المخدرات وإدمانها، كذلك نتناول الأسباب الحقيقية للانتكاسة والعودة إلى الإدمان من أجل تفادي النتائج الوخيمة لهذه الانتكاسة.
ماهي الانتكاسة والعودة إلى الإدمان على المخدرات؟
الانتكاسة هي عودة المتعافي من إدمان المخدرات مرة أخرى، حيث يشعر المتعافي بضرورة رجوعه إلى الادمان وأنه في شوق للعودة إلى هذا السلوك الذي يجعله في بعد عن الضغوط الحياتية التي يتعرض لها، أو لإشباع غريزة لديه، والانتكاسة لها العديد من الأسباب التي نلقي عليها الضوء بالتفصيل خلال النقاط التالية من هذا المقال.
أهم 9 أسباب للانتكاسة
تعددت الأسباب للانتكاسة والعودة إلى الإدمان على المخدرات فمنها أسباب علاجية، ومنها أسباب تتعلق بالتعامل الخاطئ مع المدمنين المتعافين من المخدرات، ومنها أسباب نفسية متعلقة بضغوط الحياة، ومنها ما يتعلق بالأسباب الاجتماعية.
وفيما يلي نتحدث بالتفصيل عن الأسباب بشتى أنواعها، فقد اخترنا نحو 9 أسباب للانتكاسة والعودة إلى الإدمان على المخدرات وهي:
١) الأسلوب العلاجي الخاطئ .. خلل في العلاج ونتائج كارثية
هناك بعض الأساليب العلاجية الخاطئة والتي يقوم بها بعض الأطباء المتخصصين في علاج الإدمان ومن هذه الأساليب الخاطئة:
- اختلاق القصص الوهمية والواهية التي تدفع المدمنين إلى العلاج خوفاً وترهيباً للمدمنين حتى يبدأوا العلاج، وهناك من المدمنين من يتأثر بهذه القصص خوفاً لكن بعد مرور الوقت لا يأتي هذا الاسلوب العلاجي بنتائج أو ثمار طيبة بل على العكس ينتكس المدمن ويعود إلى الادمان.
- من الأساليب الخاطئة والشائعة في علاج الإدمان والتي تعتبر من أهم أسباب الانتكاسة والعودة إلى الادمان هو أن يبدأ المدمن العلاج من إدمان المخدرات من الناحية الدوائية والجسمانية دون أن يكمل مراحل العلاج الأخرى والتي تعتبر من أهم مراحل العلاج، وهي مرحلة العلاج النفسي والتأهيل حتى الوصول للتعافي.
٢) الفراغ والعزلة من أهم أسباب الانتكاسة والعودة إلى الإدمان على المخدرات
يعد الفراغ والملل من أهم الأسباب التي تجعل المدمن المتعافي في التفكير مرة أخرى للعودة إلى المخدرات، فيقال أن الفراغ رأس كل خطيئة، فهذا صحيح إلى حد كبير.
حيث أن المدمن لا يجد ما يشغله، وبالتالي يعود لسلوك الإدمان حتى يهرب من من نتائج الفراغ من قلة العمل و وما ينتج عنه من نتائج كارثية.
كذلك فإن العزلة والبعد عن الأنشطة الاجتماعية السوية من شأنه أن يجعل المدمن يفكر مجدداً في العودة للمخدرات للخروج من دائرة العزلة لآفاق جديدة بعيداً عن الواقع المرير الذي يعيشه المدمن.
٣) عدم متابعة المتعافي ودمجه في برامج المتابعة والرعاية بعد التعافي
من المعروف أن المستشفيات والمصحات المتخصصة في علاج الإدمان تضع بعض البرامج الهامة التي تساعد المدمنين المتعافين من الإدمان.
وهي ما تسمى برامج الرعاية والمتابعة بعد التعافي، وتوقف هذه البرامج وعدم المتابعة الدورية يعتبر من أسباب الانتكاسة والعودة إلى الادمان.
وذلك لأن هذه البرامج من مراحل العلاج التي لا يعتد لها الكثير من الناس لذلك فإن عدم المتابعة قد ينتج عنها نتائج ليست بالجيدة.
٤) الصيدليات لها دور في أسباب الانتكاسة والعودة إلى الإدمان
إن المتعافين من إدمان المخدرات لا يرجعون إلى المخدرات بشكل مباشر، بل إن الحيلة النفسية تحتم عليهم أن يكون الأمر تدريجياً.
ومن هذا التدريج البحث عن بعض الاقراص المخدرة التي تساعدهم على إشباع رغبتهم في العودة إلى المخدرات ومن هذه العقاقير المخدرة الروهيبنول والفاليوم والموجادون وغيرها.
هذه العقاقير المهدئة والمخدرة لا تصرف إلا بوصفة طبية معتمدة للعلاج من بعض الأمراض، لكن تساهل بعض الصيدليات أدى إلى ظهور هذه الأدوية والعقاقير في أيدي المدمنين لتكون مقدمة للإدمان مرة أخرى.
٥) عدم وجود دور الأسرة والاحتواء العاطفي للمدمن المتعافي
تعد الأسباب الاجتماعية من أهم أسباب الانتكاسة والعودة إلى الإدمان على المخدرات، فمن أهم المظاهر التي تؤدي للانتكاسة بعد التعافي هو غياب دور الأسرة النفسي والعاطفي في احتواء المدمن عاطفياً ونفسياً.
بالإضافة لعدم وجود وعي أسري من أجل التعامل مع المدمنين سلوكياً ونفسياً في هذه المرحلة الجديدة.
وبالتالي عدم معرفة السبل العلمية والتربوية الصحيحة لتعديل السلوكيات الإدمانية السابقة وبالتالي يتفاقم الوضع حتى نصل لمرحلة انتكاسة المدمن المتعافي مرة اخرى.
٦) قد يكون الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي من أسباب الانتكاسة
بشكل عام فإن مسؤولية الإعلام في حماية الشباب من الإدمان كبيرة، والعديد من المسلسلات الدرامية والأفلام السينمائية تتساهل في مظاهر الإدمان.
وقد يكون المراهق متأثراً بما يدور في هذه الأعمال الدرامية حيث تظهر الأبطال وهم يدخنون السجائر أو يتعاقرون الخمور دون رقيب أو حسيب.
وكذلك وسائل التواصل الاجتماعي المليئة ببعض الأمور المغلوطة والمعلومات الخاطئة والشائعة حول علاج الادمان بشكل غير سليم وعلمي وبالتالي تكون هذه أحد أسباب الانتكاسة والعودة إلى الإدمان على المخدرات.
٧) رفقة السوء أحد الأسباب الهامة التي يجب الحذر منها
من أسباب الانتكاسة والعودة إلى الإدمان على المخدرات رفقاء السوء والأصدقاء الذين مازالوا يدمنون المخدرات.
وبالتالي قد يشكلون عامل ضغط على المدمن المتعافي في حالة التواصل المباشر أو غير المباشر معهم، وبالتالي يكونون أحد اسباب العودة مرة أخرى إلى دائرة الإدمان اللعينة.
٨) الضغوط النفسية والحياتية قد تكون أحد أسباب الانتكاسة والعودة إلى الإدمان
إن الضغوط النفسية والحياتية تعتبر من أهم الأسباب التي تجعل من الانتكاسة باباً مفتوحاً على مصراعيه.
وذلك لأن هذه الضغوط تساعد على صعوبة الحياة الجديدة والتي تجعل المدمن المتعافي يفكر في الهروب منها لآفاق المخدرات والعالم الافتراضي والخيالي التي تصنعه.
ولعل العلاج النفسي والتأهيلي مسؤول مسؤولية كاملة وهامة نحو التخلص من الضغوط النفسية عبر التدريبات النفسية واكتساب المهارات الهامة التي تساعد على حل المشكلات الحياتية دون اللجوء للعودة مرة أخرى إلى إدمان المخدرات.
٩) عوامل سابقة قد تكون لها أسباب مباشرة للانتكاسة والعودة إلى الإدمان مرة أخرى
من خلال بعض العوامل السابقة في رحلة الإدمان يمكن أن يكون عامل الجرعات السابقة والتي كانت كبيرة هي السبب في صعوبة العلاج، وبالتالي صعوبة التعافي الكامل من إدمان المخدرات وتكون الانتكاسة في هذه الحالات أمراً منطقياً.
وقد يكون هناك عامل آخر هام وهو عدم تغيير البيئة الإدمانية السابقة، كالبيئة التي تذكر المدمن مرة أخرى بالإدمان والسلوكيات المرتبطة به.
ومن المظاهر الإدمانية هذه الحقن الفارغة، والزجاجات الفارغة أو التردد على المكان الذي كان يدمن فيها قبل العلاج والتعافي وغيرها من تلك المظاهر.
ولعلنا في النهاية نؤكد أن الوقاية من الانتكاسة خير من العلاج، حيث أن أسباب الانتكاسة والعودة إلى الإدمان يمكن القضاء عليها بمزيد من الجهد والتخطيط والعلاج السليم والبعد عن جميع الضغوط التي يمكن ان تشكل اسباباً حقيقية للانتكاسة ولكن هذه قصة أخرى.
راجع من هنا أهم علامات الانتكاسة بالإضافة إلى كيفية علاج الإدمان بعد الانتكاسة والعودة إلى المخدرات.
تم التحديث في 25 يونيو، 2023 بواسطة دار الشفاء للطب النفسي وعلاج الادمان