إن ظاهرة الإدمان من أكثر الظواهر المدمرة في حياة المجتمعات في جميع أنحاء العالم، وهو ما يجعل جميع المؤسسات الإجتماعية الكثيرة تتعاون فيما بينها من أجل القضاء على تلك الظاهرة بشتى الطرق.
ومن هذه الطرق هو بناء قاعدة مجتمعية كبيرة في مواجهة هذه الظاهرة، حيث نجد أن مؤسسات إجتماعية كثيرة مثل المدارس والجامعات، والمؤسسات الاجتماعية، والخيرية، والطبية، والدينية، والاقتصادية و المؤسسات الحكومية تتعاون فيما بينها من أجل المواجهة.
ومن طرق المواجهة الهامة بلا شك، الوقاية والتوعية بخطر الإدمان على الفرد والأسرة والمجتمع، وهو ما يجعلنا نلقي الضوء حول تلك التوعية الهامة في مواجهة الإدمان.
حيث تتعدد التوعية بين نشر المعلومات الهامة حول الإدمان، والتوعية بضرورة التعامل مع المدمنين، والحذر من سلوكيات الإدمان.
وكيفية التعامل الاجتماعي والسلوكي والتربوي والديني والأخلاقي مع المدمنين بشكل صحيح من أجل علاج الادمان اجتماعياً حتى لا يؤثر التقصير في ذلك على رحلة علاج الإدمان التي يخوضونها من أجل حريتهم وحياتهم.
والشق الثاني الهام هو ما نحاول تفصيله هو المهارات الأسرية لإنقاذ الأبناء من الإدمان.
وفي نقاط هذا المقال؛ نتحدث عن المهارات الأسرية لإنقاذ الأبناء من الإدمان وذلك من عدة جوانب هامة، وهي:
- كيفية تدريب الأسرة على تلك المهارات
- ما هي تلك المهارات الهامة
- ما هي نتائج تلك المهارات على الأسرة والمجتمع والمدمن
- ما هي الخطوات الصحيحة للتدريب على تلك المهارات
المهارات الأسرية لإنقاذ الأبناء من الإدمان .. التوعية أولاً
من المهارات الأسرية لإنقاذ الأبناء من الإدمان التوعية والتي تعتبر الأساس والبناء الصحيح لهذه المهارات.
وذلك لأن من غيرها لايمكن الوصول إلى المهارات الصحيحة وتدريب أفراد الاسرة عليها من أجل حماية الأبناء وإنقاذهم من المخدرات والإدمان.
وفي خلال العرض التالي نتحدث عن هذه التوعية، من العديد من الجوانب مثل:
ضرورة معرفة أنواع المخدرات وأخطارها على الجوانب الصحية والنفسية والمعنوية على الأطفال والمراهقين والشباب.
فقبل توعية الأبناء لابد من توعية الآباء والأمهات بهذه الانواع وشكل المدمن، والفرق بين الإدمان والاحتياج للمخدرات، وبين التعاطي ودرجاته.
حيث أن هذه المعلومات بلا شك تساعد الأسرة على تخطي العديد من العقبات والمشاكل بالنسبة للمدمنين من أفراد الأسرة، او من أجل توعية الابناء بها.
التوعية بجميع أسباب الإدمان والتي تدفع الأبناء إلى المخدرات، وهذه من الأمور الهامة، حيث هناك العديد من الأسباب التي تتعلق بالأسرة.
وذلك مثل المشاكل الزوجية ومشاكل الانفصال والطلاق التي تؤثر على الأسرة وتجعل على تمزقها، والتأثير العاطفي في الأبناء، وعزلتهم عن الآباء والأمهات، وعدم الاستماع إلى مشاكلهم أو التسفيه من أرائهم.
وغيرها من مظاهر التعامل الخاطئ مع الأبناء، والتي تؤدي إلى المشاكل النفسية التي قد تدفعهم إلى أصدقاء السوء والسلوكيات الخاطئة التي من أهمها بالطبع سلوك الإدمان.
التوعية بالسلوكيات الصحيحة في مسائل تربية الأبناء، ومعرفة التعامل مع جميع مراحل عمر الأبناء سواء الطفولة والمراهقة ثم الشباب.
حتى تكون المهارات الأسرية لإنقاذ الأبناء من الإدمان على أساس سليم، حيث تتكون المهارات التي يجب أن يتعلمها الأب والأم على السواء من بعض السلوكيات الصحيحة في التربية وفي طريقة التعامل مع الأبناء.
وهذه هي المسألة الجوهرية في تلك المهارات، كما نلقي الضوء في النقاط التالية لهذه النقطة.
المهارات الأسرية لإنقاذ الأبناء من الإدمان .. التربية الصحيحة جوهر الحل
تعتبر التربية الصحيحة للأبناء هي جوهر المهارات الأسرية لإنقاذ الأبناء من الإدمان، وذلك لأنها تقطع شوطاً كبيرا في كيفية وجود المهارات تلك في تعامل أفراد الاسرة تجاه أبنائهم.
وفي النقاط التالية نستعرض أهم مبادئ التربية الصحيحة والتي هي في نفس الوقت جزء من المهارات الأسرية لإنقاذ الأبناء من الإدمان:
تعليم الأطفال منذ الصغر مبدأ الثواب والعقاب، الثواب إذا أصابوا والعقاب إذا أخطأوا والبعد عن الأفعال والسلوكيات التي تقوم على تدليل الأطفال والمراهقين، وعدم عقابهم عند الخطأ، أو التعنيف الشديد الزائد عن الحد في حالة العقاب الشديد.
إجراء حوارات وفتح النقاش مع الأطفال ومع المراهقين، وذلك من أجل فهم ما يدور في عقلهم، وفهم مشاكلهم العميقة، وحلها في البداية قبل التفاقم، ومعرفة خيالات هؤلاء الأبناء، وما يحاولون التعبير عنه.
وهذه من المهارات الهامة التي لابد من تطبيقها مع الأطفال، ومن الممكن أن يتم تشكيل هذه المهارة بتعليم الأطفال التعبير عن أنفسهم عن طريق الهوايات المختلفة مثل الكتابة أو الرسم وغيرها من الهوايات.
الإحتواء العاطفي وهو من أهم المهارات الأسرية لإنقاذ الأبناء من الإدمان، لأنها تحمي الأبناء من العديد من الأسباب التي تؤدي إلى الإدمان.
وهذه ايضاً من السلوكيات الهامة في تربية الأطفال والمراهقين والشباب، والاحتواء هذا يعني التعامل بحكمة مع الأبناء، وحل المشكلات بمنتهى الهدوء وعدم العصبية خاصة في فترة المراهقة.
تربية الأطفال على أنهم جزء من المجتمع، حتى يشبوا على بعض المفاهيم الخاصة بالمجتمع وإحترام القيم العليا له.
والاندماج في الأنشطة الاجتماعية الهامة مثل مساعدة الفقراء، والاشتراك في الانشطة التعليمية والتوعوية وغيرها.
فهذه الأنشطة تقيهم وتحميهم من المخاطر النفسية، والعزلة التي تعتبر من أهم أسباب الأمراض النفسية، وبالتالي الإدمان وغيرها من السلوكيات الخاطئة.
تقوية الوازع الأخلاقي والديني للأطفال والمراهقين والشباب، وتقوية أخلاقهم عن طريق تعليمهم مبادئ الدين الصحيح، والبعد عن الانحراف الأخلاقي.
وهذه الطريقة هامة من ضمن المهارات الأسرية لإنقاذ الأبناء من الإدمان، فالدين والاخلاق مقومات هامة وجوهرية في إنقاذ الأبناء من السلوكيات الخاطئة والتي من ضمنها بالتأكيد الإدمان.
توعية الأبناء من المخدرات ومخاطرها الصحية والنفسية، وهذه التوعية يجب أن تكون حذرة، حيث تبعد عن الترغيب والترهيب، بل إنها تكون توعية محايدة من أجل المعرفة والتحذير فقط من المخدرات وأخطارها وإعطاء أمثلة عن هذه المخاطر.
التفرغ التام لتربية الأطفال سواء من الأب أو الام، وعدم تركهم للمربيات أو الأقارب أو الأصدقاء أو غير ذلك ليلعبوا الدور الهام للآباء والأمهات.
مراقبة السلوكيات والأفعال الخاصة بالأطفال والمراهقين والشباب، في محاولة من الآباء والأمهات لمعرفة السلوكيات الغير طبيعية وكشفها في الوقت المناسب، سواء سلوكيات الإدمان أو غيرها. إلا أن هذه المراقبة يجب أن تكون دقيقة وفي نفس الوقت بعيدة عن الإحراج الذي قد يشعر به الأبناء.
معرفة الأصدقاء المقربين للأبناء، وخلفياتهم العائلية وارقام تليفوناتهم وطباعهم، وغيرها من الأمور التي تؤكد خلو قائمة أصدقاء الابن من أصدقاء السوء، فمن المعروف أن أصدقاء السوء يشكلون سبباً وحافزاً قوياً في انجرار الأبناء إلى طريق الإدمان.
المهارات الأسرية لإنقاذ الأبناء من الإدمان عن طريق دمجها في البرامج العلاجية
يعتبر دمج المهارات الأسرية لإنقاذ الأبناء من الإدمان في البرامج العلاجية المختلفة من أهم الخطوات التي يمكن أن نذكرها في هذا المقام، وذلك للعديد من الأسباب التي تتعلق بأفراد الأسرة، ومن هذه الأسباب ما نعرضه خلال النقاط التالية:
جهل الكثير من الأسر بالخطوات والمهارات الصحيحة التي يجب إتباعها لإنقاذ الأبناء من الإدمان، حيث يترتب على التغافل والجهل عن تلك المهارات المزيد من الكوارث التي تتعلق بالتعامل مع الأبناء.
وهو ما يندرج تحت التوعية الواجبة لأفراد الاسرة وتعليمهم المهارات الضرورية لاكتشاف الابن المدمن، وطريقة التعامل معه في حالة الإدمان، او معرفة الأسباب الحقيقية التي قد تدفع الأبناء إلى الإدمان.
قد يعرف الآباء والامهات المعلومات الضرورية عن أنواع المخدرات، أو طرق الإدمان أو علامات المدمن، وإكتشاف الابناء المقبلين على الإدمان وغيرها، لكن طريقة التعامل أو المهارات المطلوبة في التعامل مفقودة عند بعض الأسر.
ولهذه الأسباب السابقة يأتي دور البرامج العلاجية للإدمان في تعليم الأسر المهارات الأسرية لإنقاذ الأبناء من الإدمان، بطريقة علمية صحيحة تتناسب مع جميع الأسر.
ومن خلال الكثير من الطرق، والتي نوضحها من خلال عرض النقاط التالية، والتي تتركز على دور البرامج العلاجية في تدريب الأسر على هذه المهارات ودمج الأسرة في البرنامج العلاجي وأهميته.
تقوم العديد من البرامج العلاجية على دمج الاسرة في خطوات العلاج وذلك من أجل تثقيف أفراد الأسرة خاصة الآباء والأمهات بأنواع المخدرات وطرق التعاطي ومظهر المدمن أو المتعاطي على المخدرات، والتصرفات السلوكية له.
وهذه تعتبر ثقافة او توعية أولية لابد منها في جميع البرامج إما عن طريق حضور الأسرة وأفرادها في الجلسات الجماعية في مرحلة العلاج النفسي.
أو عن طريق التواصل الفردي مع الطبيب القائم بالعلاج أو الفريق الطبي في المصحة أو المستشفى العلاجي.
التدريب على السلوكيات المتبعة للأسرة من أجل إنقاذ الأبناء من المخدرات والتعاطي والإدمان عن طريق تعليمهم كيفية التواصل مع الأبناء في المراحل العمرية المختلفة، مثل الطفولة ثم المراهقة والشباب، وكيفية الاستماع إليهم، والاحتواء العاطفي والنفسي لهم، وعدم التسفيه من الأراء التي يطرحونها، وغيرها من الوسائل التربوية الصحيحة، والتي يجهلها العديد من الاسر، وهذا جانب وقائي هام، لعدم وصول الابناء إلى إدمان المخدرات.
تقوم بعض البرامج العلاجية الهامة بدمج الأسرة في خلال مراحل العلاج المختلفة، لأنهم جزء من العلاج النفسي والتاهيلي للمدمن، وذلك للعديد من الأسباب التي تتعلق بعدم العودة إلى ادمان المخدرات ( الانتكاسة ).
هذا إلى جانب أن الأسرة لها دور مهم في التأهيل النفسي وتعليم المهارات الجديدة للمدمن في الحياة الجديدة، مثل دور الأسرة في بعد الأصدقاء القدامى الذين يشجعون الابن المدمن على العودة مرة أخرى، أو تهيئة الأجواء المنزلية والبعد عن أدوات المخدرات، أو ما يذكر المدمن بتعاطي المخدرات، والمراقبة الجيدة للمدمن بعد مرحلة التعافي والخروج من المستشفى العلاجي.
من المهارات الأسرية لإنقاذ الأبناء من الإدمان، هو دورها الهام في تعليمهم المهارات الخاصة لحل المشكلات بطريقة منطقية.
وذلك لأن المشاكل تعتبر جزء من طريق الإدمان، وحلها بطرق منطقية يعني بالضرورة عدم وقوع الأبناء فريسة لطريق الإدمان.
وذلك عن طريق هذه المهارات التي تهدف إلى عدم التعرض من الأمور الحياتية والضغوط الأسرية التي تشكل جانباً هاماً في أسباب الإدمان المختلفة.
وتعتمد برامج الإدمان المختلفة في دمج الأسر من أجل تدريبهم على المهارات الأسرية لإنقاذ الأبناء من الإدمان، بالعديد من الطرق مثل الجلسات الجماعية في البرامج التاهيلية، أو الجلسات الفردية مع رب الأسرة.
أو عن طريق التواصل الخاص بين الفرق العلاجية في المستشفيات والمصحات العلاجية وأفراد الأسرة، وذلك من خلال العديد من المؤثرات البصرية والسمعية وعرض القصص المشابهة وغيرها من وسائل البرامج العلاجية.
تعتبر المهارات الأسرية لإنقاذ الأبناء من الإدمان، مسئولية جماعية بين كل من المؤسسات الطبية ومؤسسات المجتمع المدني، والمؤسسات الدينية والأمنية وغيرها، كل في دوره من أجل تدريب أفراد الاسرة على المهارات المختلفة والتي تهدف في النهاية الوقاية من الإدمان وإنقاذ الأبناء من مخاطره.
تم التحديث في 25 يونيو، 2023 بواسطة دار الشفاء للطب النفسي وعلاج الادمان