إن الإدمان من أخطر المشاكل علي المجتمع ولكنه في النهاية نتيجة لمشاكل أخري موجوده في المجتمع مما يجعل أسباب ودوافع الإدمان أكثر خطورة من الإدمان نفسه.
ويُقصد بدوافع الإدمان تلك الأسباب الظاهرة والدوافع الداخلية والخفية أو اللاشعورية التي تعمل في داخل نفس الفرد فتجعله يقبل علي تعاطى المخدرات ومع الوقت ينزلق في مستنقع الإدمان.
ويمكننا إيجاز اسباب الادمان فيما يلي ..
أولاً البيئة
والبيئة بمعناها الشامل هي كل ما يمثل الآخر بالنسبة للإنسان، وطبعاً هذا يشمل المنزل والأسرة والمدرسة والجامعة والمدينة والأصدقاء.
وإذا لم يكن هناك ثقافة تكافح السلوكيات المنحرفة في هذه البيئة فإن هذه السلوكيات ستنتشر وتصبح جزأ من ثقافة البيئة.
وبمعنى آخر فإن التربية والتنشأة الثقافية في البيئة أو المجتمع تعد من أهم الأسباب لإنتشار ظاهرة الإدمان.
إنها حركة دائرية، فالإنسان يصنع بيئته من جهة والبيئة تصنع الإنسان من جهة أخري، ولا سبيل إلي ضبط وتيرة هذه الحركة إلا بالضوابط الإجتماعية والدينية ونشر الوعي الذي يكافح مثل هذه السلوكيات المنحرفة والتدميرية.
شاهد من هنا أسباب ادمان الأبناء على المخدرات والدوافع التي قد تدعوهم إلى التعاطي والوقوع في فخ الإدمان.
ثانياً التفاوت الطبقي
إننا في عصر العولمة أصبحنا في عالم أكثر إتصالاً وإنفتاحاً علي بعضه، مما جعل سقف الأماني والتطلعات والطموحات مرتفعاً عند الشباب.
ولكن التفاوت الطبقي الكبير الحاصل في مجتمعاتنا بسبب الفساد وسوء توزيع الثروة يعد مصدراً ومجلباً للهم واليأس والإكتئاب عند أفراد المجتمع عموماً وعند الشباب خصوصاً، مما يدفعهم إلي الإدمان رغبتةً في تناسي الهموم والهروب من الواقع المقلق المحزن.
ثالثاً اللذة الجنسية
في الآونة الأخيرة انتشرت كثير من الإعلانات التي تروج لوسائل تحسين العلاقة الحميمية واقتحمت تلفزيون الأسرة وجميع القنوات الفضائية لتروج لنوع جديد من الثقافة تعلن فيه أن اللذة الجنسية أهم من أي شئ آخر في الوجود وأن الرجولة تعني المقدرة الجنسية، حتي أصبحت هذه الأفكار المضللة جزأ من ثقافة المجتمع.
ولا شك أن هذه الثقافة التي أنتجتها شركات الترويج للمنتجات الجنسية في ظل غياب الرقابة لها دور كبير في دفع الشباب والرجال إلي تعاطي المخدرات بقصد زيادة قدرتهم الجنسية التي يعتبرونها مهمة جداً وبقصد الحصول علي قدر أكبر من المتعة في ممارسة العملية الجنسية.
رابعاً إستشعار روح الجماعة
وبمعنى أن المتعاطين للمخدرات يرون في المخدر أنه يجمع بين أفراد الشلّة أو الجماعة، ويكون هناك جو مليئ بالفرح والبهجة في تعاملهم مع بعضهم أثناء التعاطي مما يحررهم مؤقتاً من الجو الإجتماعي العادي.
ولا شك أنها طريقة شنيعة لقتل آلام القلق والملل والإكتئاب لأن المتعة فيها ليست إلا شكلاً ماكراً من أشكال الألم.
ولا تؤدي في نهاية المطاف إلا إلى المزيد من الإكتئاب والملل والقلق. إنني أفضل أن أسمي هذه العملية ” دائرة الجحيم ” لأنها ليست إلا جحيم يؤدي إلي جحيم.
وهكذا فإننا كلما بحثنا عن الأسباب الظاهرة والخفية التي تؤدي إلي تعاطي المخدرات والإدمان نجد أن هناك شبكة عنكبوتية معقدة منسوجة بنسيج من العلاقات الإجتماعية التي تربط بين كافة مكونات المجتمع من إقتصاد وسياسة وفن وإعلام ودين وثقافة وعلم وبيئة وتعليم وإلخ ..
وإدراك كل هذه الأبعاد للمشكلة مهم جداً في عملية الحل، ولكن يبقي عامل قوة الإرادة الإنسانية هو العامل الأهم والأقوي في علاج الادمان والقضاء عليه.
فعندما يريد الإنسان شئ ويسعى نحوة بقوة وعزيمة فإنه سيدركه مهما كانت الصعاب. إن الإرادة هي الهبة الإلهية والقوة المقدسة الكامنة بداخل الإنسان وبها يستطيع أن يحقق ما يريد.
تم التحديث في 25 يونيو، 2023 بواسطة دار الشفاء للطب النفسي وعلاج الادمان