الكحول والاكتئاب يوجد بينهما علاقة وثيقة حيث أن المدمن على تناول المشروبات الكحولية تصيبه العديد من الأمراض النفسية ومن بينها مظاهر الاكتئاب المختلفة.
في هذا المقال نتحدث عن هذه العلاقة بالتفصيل، وما هي الأمراض النفسية التي يمكن أن تحدث في حال إدمان الخمور والكحوليات.
اضرار الخمر النفسية
الخمور والمشروبات الكحولية تعتبر من المشروبات التي لها أخطار كبيرة على حياة الإنسان. حيث تسمى بأم الخبائث، وهذه التسمية ليست من فراغ، فقد أثبتت الدراسات العلمية بوجود العديد من الأخطار الناتجة عنها.
تتعدى هذه الأخطار الجسم، لينتج عنها وجود بعض الأمراض النفسية الخطيرة، وهنا يمكن القول ان الكحول والاكتئاب تربطهما علاقة وثيقة. كما هو الحال في جميع أنواع المخدرات حيث أن الادمان والاكتئاب دائماً مقترنان ببعضهما البعض.
فالمدمن على الكحول والخمور أكثر عرضة لحدوث المظاهر الاكتئابية، وهذه بعض المعلومات والتفاصيل حول اضرار الخمر النفسية:
- تحدث العديد من المظاهر الاكتئابية مثل الحزن المستمر، وذلك بسبب تغيير المحول لكيمياء الدماغ، وهذا ما أثبتته الدراسات العلمية الحديثة.
- علاوة على أن التغييرات الكيميائية في الدماغ كما تحدثت الدراسات العلمية تؤدي بلا شك للإصابة بالاكتئاب.
- كما أن المدمن معرض للإعياء والخمول في الجسم وهذا بسبب تغييرات هائلة في الهرمونات نتيجة إدمان الخمور.
- علاوة على حدوث نوبات من القلق المستمر جراء إدمان الكحوليات والخمور.
- كما تحدث نوبات من العصبية الزائدة عند شرب الخمور أو انتهاء تأثير الجرعة الإدمانية منها.
- علاوة على وجود اضطرابات في الذاكرة وقد يحدث نسيان متكرر على مدار اليوم، وهو من تأثيراتها النفسية والعقلية أيضًا في بعض الحالات.
ما الذي يشعر به شارب الخمر؟
ربما هذا يفيد في فهم بعض جوانب العلاقة بين الكحول والاكتئاب حيث توجد عدة علامات على متعاطي الكحول والخمر تظهر على الفور ومنها ما يتعلق بالناحية النفسية ومنها:
يؤدي تناول الخمور أو تعاطي المشروبات الكحولية بمختلف أنواعها إلى تمدد الأوعية الدموية في الدماغ، وبالتالي يؤدي إلى الصداع المستمر.
- بالإضافة إلى أن تناول الكحول يشعر المدمن بالنعاس عند تناول الجرعات الإدمانية اليومية. حيث يصل للنوم العميق بعد تناول الخمر مباشرة.
- علاوة على وجود إرهاق وتعب بسبب النوم المستمر لساعات طويلة.
- كما ان هناك بعض الأعراض الظاهرية مثل العطش الزائد أو الإصابة بجفاف الفم، والآلام في العضلات.
- علاوة على أن بعض الحالات الإدمانية تعاني من قلة النوم والحساسية الزائدة من الضوء والصوت المحيط، والشعور بالارتجاف.
- بالإضافة لوجود تقلبات مزاجية شديدة مثل نوبات القلق والتهيجات والقلق وغيرها من الأمراض النفسية المستمرة التي تحتاج للتدخل العلاجي.
هذه كانت علامات شارب الخمر أو ما يعرف بحالات الخمار، أو التأثير المباشر للخمر على المدمن.
وهناك العديد من الجوانب الهامة حول الكحول والاكتئاب وهذه الجوانب نعرضها حسب بعض الأسئلة التي دائمًا ما يتم السؤال عنها ونجيب عليها.
هل شرب الكحول يعالج الاكتئاب؟
في بداية شرب الخمر قد تعالج الكحوليات الاكتئاب ويشعر الإنسان بالسعادة، لكنه شعور زائف مؤقت على المدى القصير.
حيث أن حالة التحسن المزاجي هذه سرعان ما تتبدل إلى وجود العديد من المضاعفات مثل الاكتئاب والقلق وغيرها من الآثار الجانبية على الحالة النفسية.
هل الكحول يزيل التوتر؟
هناك دراسات علمية تتحدث حول نشاط الجابا GABA في الدماغ البشري، وتشابه عناصر الكحوليات بهذا النشاط وبالتالي يعمل هذا على:
- تقليل نوبات القلق
- التخلص من التوتر والخوف
وبالتالي فإن هذا النشاط الطبيعي في الدماغ قد يقل مع الوقت مع الاعتماد على المؤثر الخارجي وهو الذي يحدث في حالة تناول الكحوليات التي تمثل الاعتماد على هذه المؤثرات.
لذلك فإن زيادة الجرعات تستمر حتى يصل الإنسان للإدمان وبالتالي حدوث مضاعفات خطيرة للغاية ومنها الاكتئاب ونوبات القلق. لذلك فإن الإجابة أن الكحول يزيل التوتر غير دقيق، لأنه شعور مؤقت زائف.
اكتئاب ما بعد شرب الكحول؟
الكحول والاكتئاب والعلاقة بينهما مستمرة، وذلك حسب الدراسات العلمية التي تؤكد أن تناول الخمور بشكل عام يؤدي إلى استمرار الإجهاد ونوبات القلق والاكتئاب.
وذلك بسبب ما تقوم به الكحوليات من تغيير في كيمياء الدماغ وبالتالي تزيد من خطر الإصابة بالعديد من الأمراض النفسية ومنها الاكتئاب والدوار والصداع والإعياء ونوبات القلق والشعور بالندم المستمر والعصبية الزائدة وغيرها.
متى يكون الكحول ادمان؟
هناك عدة مراحل مختلفة حول شرب وإدمان الكحوليات، وهذه الحالة تبدأ مع الإفراط في الشرب خلال أوقات معينة، حيث لا يشعر الأفراد الذين يشربون على فترات متقطعة للمشروبات الكحولية والخمور بالأضرار أو علامات الإدمان.
بينما يشعر المدمنين عليها من خلال الإفراط في تناول الخمور والمشروبات الكحولية بالعديد من الأضرار والمخاطر التي يسببها شرب الخمر بالتأكيد.
وعلى أية حال توجد العديد من مراحل الإدمان ومنها:
- تناول المشروبات الكحولية بشكل يومي جرعات محددة وقد تستمر هذه المرحلة عدة سنوات.
- تبدأ المضاعفات الخطيرة عند تأثير هذه الخمور وزيادة الجرعات الإدمانية، ويتعرض لها شارب الخمر عدة مرات مع ضغوط العمل والحياة المحيطة.
- ننتقل للمرحلة الإدمانية، وهي الغرق في تناول الخمور، وهو ما يعني مزيد من الجرعات الإدمانية. وبالتالي تحدث العديد من المضاعفات ومنها ظهور العلامات الظاهرية للاكتئاب وما ينتج عنها من أمراض نفسية أخرى.
الخمر ومضادات الاكتئاب
إدمان الخمور ومضادات الاكتئاب بينهما علاقة متشابكة حيث توجد عدة أخطار لشرب الخمر وتناول المشروبات الكحولية خلال تعاطي مضادات الاكتئاب بشكل كبير، وهذه الأخطار تتمثل في:
- وجود أعراض جانبية خطيرة على الجسم، حيث تظهر بعض المظاهر مثل جفاف الفم، والغثيان والإسهال.
- كما ترتبط بالعديد من الأمراض النفسية التي تظهر على مدمن الخمر خلال تناوله أيضًا مضادات الاكتئاب. حيث تزيد من عدوانيته وعصبيته الزائدة عن الحد والسلوكيات العنيفة. وربما تصل به إلى الانتحار أو التفكير في أذى الآخرين.
- علاوة على ان الدراسات العلمية تؤكد أن خلط مضادات الاكتئاب مع شرب الخمور قد تؤدي أيضًا إلى زيادة الإصابة بالنعاس والخمول للجسم. وبالتالي تؤدي إلى انخفاض القدرة على التفكير والتركيز في الأعمال الهامة ومن قيادة السيارات على الطرق السريعة.
ادمان الكحول والاكتئاب
نتحدث في هذه النقطة عن أمر هام من جوانب العلاقة بين شرب الخمر والمشروبات الكحولية والاكتئاب، وهي هل الإصابة بالاكتئاب قد يؤدي إلى إدمان الخمور؟
فإذا تحدثنا في السطور السابقة على علاقة الخمور وتأثيراتها المباشرة وغير المباشرة في حدوث الاكتئاب والمظاهر الخاصة به، فهل يمكن افتراض العكس؟
أي أن الأشخاص الذين لديهم مرض الاكتئاب أو الذين يشعرون بالأمراض النفسية او المظاهر الاكتئابية والقلق والتوتر قريبون من الإدمان او يمكن حدوث لهم بعض الانتكاسات وبالتالي الإدمان على الكحول؟
في الحقيقة أجابت العديد من الدراسات العلمية على هذا التساؤل الهام، ويمكن تلخيص الإجابة من خلال النقاط التالية:
- العلاقة بين الاكتئاب وتعاطي الكحول متبادلة وذلك لأن المدمن يحاول الخروج من الهموم والأحزان التي يغرق فيها عبر الخمور التي تعطيه سعادة ونشوة مؤقتة تبعده عن حالة الحزن.
- تساعد الخمور على بعض التخفيف للضرر النفسي مؤقتاً، وبالتالي يلجأ المدمن إلى سلوكيات عديدة ومنها الإدمان على المخدرات لا سيما الخمور.
- لذلك يمكن القول أن الخمور لا تسبب الاكتئاب بل قد يكون إدمان الخمر أو أي نوع مخدر آخر نتيجة للاكتئاب في بعض الحالات الإدمانية.
- علاوة على ذلك فإن علاج إدمان الكحول يرتبط بشكل أساسي بتغيير السلوكيات الحياتية التي قد تكون أدت إلى إدمان المخدرات لا سيما شرب الخمور، وهو ما يسمى بعلاج سبب المشكلة، وتقوم به برامج عديدة.
أسئلة شائعة حول علاقة الكحول بالاكتئاب
هنا تجد العديد من الإجابات العلمية عن علاقة شرب وإدمان الكحوليات والخمور والاكتئاب. حيث نعرض العديد من الأسئلة الخاصة بإدمان الخمور وعلاقته بالأمراض النفسية لا سيما الاكتئاب وغيرها من المظاهر:
هناك بعض الدراسات العلمية التي تؤكد ذلك بالفعل. حيث نشرت مجلة Neuropharmacology نتيجة دراسة أمريكية قامت بها جامعة بوفالو الأمريكية على النبيذ الأحمر. وقد أكدت الدراسة أن مادة الريسفيراترول الموجودة في النبيذ الأحمر تعتبر من المواد مضادة الأكسدة، وبالتالي تعمل هذه المادة على إنتاج هرمون Corticosterone وبالتالي تقليل مظاهر الاكتئاب والتخلص من القلق. علاوة على أن هذه المادة قد تكون وسيلة بديلة وفعّالة للتخلص من الاكتئاب لفترات طويلة وتحسين حالات الاكتئاب المختلفة. لكن يجب القول أن زيادة هذه المادة أو الإدمان على النبيذ، يؤدي إلى العكس، حيث أن تراكم إنزيم PDE4 في الدماغ يؤدي في النهاية إلى زيادة حالات الاكتئاب.
توجد العديد من الدراسات الجديدة التي تتبع جامعات غربية حول فوائد المشروبات الكحولية، وقد أظهرت الدراسات على سبيل المثال أنها تزيل وتقلل التوتر. وذلك لأنها تحتوي على مواد تقوم بتهدئة المراكز العصبية في الدماغ البشري. ومع ذلك فإن الإفراط في تناول الخمور والكحوليات تؤدي إلى العكس بطبيعة الحال كما تعرفنا منذ قليل. كما أن الدراسات أظهرت أنها تقلل أيضًا من فرصة حدوث السكتات الدماغية، وذلك في حال تناول كميات معتدلة منها، وكذلك تقلل من نوبات الهلع والخوف التي يعاني منها البعض.
شرب الخمور والمشروبات الكحولية بعض الشىء يؤدي إلى التخفيف من القلق، وهذا بحسب العديد من الدراسات العلمية الحديثة. حيث تؤكد الدراسات هذه أن الكحول يخفف من القلق والتوتر لدى بعض الأشخاص الذين يعانون من الخجل. ويزيد من مستوى الثقة بالنفس، لكن مع ذلك، فإن هناك العديد من البدائل الصحية التي يمكن تخفيف القلق بها بعيدًا عن تناول وشرب الخمور. وذلك لأن شرب الخمور سيزيد من القلق والتوتر وحدوث بعض الأمراض النفسية الأخرى في حال الإدمان عليه. وهذا أيضًا مثبت بالدراسات العلمية مؤخرًا.
البيرة من المشروبات الكحولية وربما تكون هي المشروب الأكثر شعبية بين المشروبات الكحولية. حيث يمكن تناوله في الأوساط الشعبية، ولكن في العموم لا ننصح بالطبع بتناولها حتى ولو كانت خفيفة التركيز وذلك على الرغم من بعض فوائدها التي تتنوع ما بين تخفيف آلام الجسم وتقليل الإجهاد والوقاية من بعض أمراض القلب والأوعية الدموية، وقد يكون تأثير البيرة أقوى من الباراسيتامول المسكن لآلام العضلات. لكن مع هذه الفوائد فإن ما نجده في مشروب البيرة لا يحيد عن هذه الأضرار التي تحدث للجسم والدماغ، وقد تزيد من القلق والتوتر وغيرها من مظاهر الإدمان.
ما ينطبق على قول أن البيرة تقلل من القلق والتوتر، فإنها تقلل بطبيعة الحال أيضًا من الاكتئاب. لكن مع العلم أن إدمان المشروبات الكحولية يؤدي في نهاية الأمر إلى حدوث مشكلات في الدماغ البشري، وزيادة الفرصة للإصابة بالاكتئاب والمضاعفات الخاصة به عند العديد من الحالات الإدمانية. وهنا يرتبط أيضًا بالسلوكيات الإدمانية ومنها العزلة الاجتماعية التي يعاني منها المدمن على المشروبات الكحولية كما تعرفنا.
كيفية العلاج النفسي لإدمان الكحول
على الرغم من وجود فوائد عديدة للبيرة وبعض المشروبات الكحولية في إزالة القلق والتوتر والاكتئاب والإجهاد. وهذا في الجرعات القليلة للغاية منه. لكن مع ذلك فإن هذه الجرعات القليلة ستؤدي بطبيعة الحال إلى الاعتماد النفسي والجسدي وزيادة الجرعات الإدمانية وبالتالي حدوث أضرار كبيرة على الدماغ، وهو ما يعني الإصابة بالاكتئاب والأمراض النفسية الأخرى.
لذلك فإن مدمن الكحول يحتاج إلى العلاج النفسي للتخلص من الاكتئاب والسلوكيات المرتبطة بالإدمان التي تمنع علاج هذه الأمراض النفسية الناتجة عن المظاهر الاكتئابية. وهذا يحدث في بعض مستشفيات علاج الإدمان وأفضلها دار الشفاء للطب النفسي. لذلك نتعرف على خطوات العلاج النفسي لإدمان الكحول عبر النقاط التالية:
إزالة السموم من الجسم
هذه هي المرحلة الأولى التي يعتمد عليها فريق الأطباء في علاج المدمنين من الكحول، وذلك عبر الامتناع عن تناول الخمور أو أي من المشروبات الكحولية الأخرى.
حيث يتم إعطاء المريض أدوية آمنة تزيل السموم وتخفف من رغبته في تناول الكحوليات والتخلص من السموم، وتستمر هذه المرحلة عدة أيام وربما تصل في بعض الحالات أسبوع كامل.
العلاج الدوائي
يعتمد هذا العلاج على عدة أهداف منها علاج أعراض الانسحاب وعدم حدوث الانتكاس، وعلاج بعض الأمراض الناتجة عن تناول الخمور. حيث يضع الفريق الطبي خطة علاجية مكونة من بعض الأدوية مثل الديسلفيرام والأكامبروسيت والنالتريكسون وغيرها من المواد وهذا يعتمد بالطبع على الحالة الإدمانية وغيرها من العوامل.
العلاج السلوكي لإدمان الكحوليات
ربما هذه النقطة الجوهرية في علاج الأمراض النفسية، وذلك لأن هذا العلاج يهدف إلى التعافي من الأمراض النفسية من خلال تعلم مهارات جديدة، وطرق تعزيز التعافي للفرد المدمن وتقليل عزلته. كما يهدف إلى تقليل التوتر والضغط النفسي الناتج عن رحلة العلاج التي قد تكون صعبة على بعض الحالات وبالتالي يرجعون مرة أخرى إلى سلوكيات الإدمان.
هذا العلاج يحتاج إلى فترة أطول لا يمكن تحديدها بالضبط لأنها حسب العوامل المرضية في كل حالة. كما يعتمد هذا العلاج على عدة طرق منها العلاج التحفيزي المعزز والعلاج التأهيلي والعلاج الأسري وغيرها.
وهذه بلا شك طرق حديثة احترافية يقوم بها الأطباء ولها نتائج فعّالة على العديد من الحالات الإدمانية. هذه كانت أهم جوانب الكحول والاكتئاب والعلاقة بينهما.
حيث تعرفنا على العديد من التفاصيل والمعلومات التي تبين العلاقة المتشابكة بين الطرفين، وأجبنا في هذا المقال على تساؤلات عديدة بشأن هذه العلاقة.
تم التحديث في 10 ديسمبر، 2023 بواسطة دار الشفاء للطب النفسي وعلاج الادمان