الاكتئاب طريق للإدمان، تلك هي العلاقة بين الادمان والاكتئاب حيث أن الجملة السابقة ليست عنوان لمقالة بل هي مشكلة تحدث لأغلب الأشخاص وخاصة منذ عام 2020 الذي انتشر فيه الكثير ممن يعانون من الإدمان والاكتئاب بشكل ملحوظ.
فنجد كثيراً من الأشخاص يقبلون على الإدمان للتخلص من الاكتئاب، أو قد يحدث العكس، أيهما يسبق من الآخر، ليس هو السؤال المهم.
ولكن المهم هو أن الاثنان يؤديان إلى نتيجة واحدة ألا وهي الاضطراب المزدوج.
أسباب إدمان أدوية الاكتئاب
هناك الكثير من الأسباب التي تؤدي إلى إدمان أدوية الاكتئاب نظراً لطبيعة الحياة القاسية من ظروف أسرية أو ضغوط في عمل أو ضغوط مادية التي يتعرض لها الإنسان.
فهذا يجعل من الطبيعى أن يشعر الإنسان بحالة من الحزن والإحباط الذي قد يصل به إلى الاكتئاب.
ولهذا قد يتجه بعض الأشخاص إلى تناول الأدوية المسكنة وأدوية علاج الاكتئاب لكي يرتاح من الشعور بالألم، أو ربما يقوم بتناول بعض الأدوية المنومة حتى ينام ولو لساعات قليلة.
وعلى الرغم أن هناك مضادات الاكتئاب توصف تحت إشراف الطبيب المعالج لفترات طويلة المدى فمن الممكن أن تسبب لجسم الإنسان العديد من الآثار الجانبية السيئة التي تسببها هذه المضادات.
ومن هذه الآثار الجانبية تناول المريض أدوية مضادات الاكتئاب باستمرار، ولذلك يوصي الأطباء عادة بالتخفيض التدريجي للجرعة بدلا من التوقف الفوري عن تناول الدواء، وذلك بسبب خطر أعراض الانسحاب.
علاج ادمان ادوية الاكتئاب
إن مراحل علاج الادمان على ادوية الاكتئاب تشبه كثيراً مراحل علاج إدمان المخدرات والكحوليات، فكما ذكرنا من قبل أن النوعين من الإدمان لهما نفس الأعراض الانسحابية تقريباً.
ولذلك يفضل الذهاب إلى إحدى المراكز المتخصصة في علاج إدمان الأدوية الخاصة بالاكتئاب لإتمام عملية العلاج تحت إشراف طبي متخصص.
حيث يتم علاج ادمان ادوية الاكتئاب داخل المركز العلاجي بواسطة أمهر الأطباء، حيث يستخدمون أحدث الأساليب المتنوعة والمتطورة لعلاج الادمان على مضادات الاكتئاب وذلك على النحو الآتي:
مرحلة تنقية الجسم من السموم
تعتبر من أهم مراحل علاج إدمان أدوية الاكتئاب حيث يتم علاج الجسم من جميع رواسب الأدوية الإدمانية وتخليصه منها بصورة تدريجية.
وتختلف مدة انسحاب الدواء من الجسم على حسب شدته وقدرة المريض ومدى قوة المادة الفعالة الداخلة في تركيبه.
ويتم تقليل جرعة الدواء الإدماني بنسبة 25: 30% تقريباً في الثلاثة أيام الاولى منذ بدء برنامج العلاج، ثم يتم تقليل النسبة بمقدار 10: 20% كل بضعة أيام حسب درجة استجابة المريض واستقرار حالته الجسمانية والنفسية.
العلاج الدوائي
يلجأ الطبيب عادةً في المراحل الاولى من علاج ادمان مضادات الاكتئاب إلى استخدام مجموعة من الأدوية تلعب دوراً رئيسياً في تهيئة المريض نفسياً ليتجاوب مع العلاج.
كما تعمل هذه الأدوية على التقليل من حدة الأعراض الانسحابية الجسدية والنفسية مؤلمة خلال فترة العلاج، ومن أهمها مجموعة الأدوية المضادة للاكتئاب ومجموعة مضادات الصرع.
التأهيل النفسي
تتضمن برامج العلاج داخل مركز علاج ادمان مضادات الاكتئاب على توفير الرعاية النفسية اللازمة للمريض، حيث يضمن لك العلاج النفسي تغيراَ كاملاَ للمريض بشكل تام وإعادته إلى طبيعته مرة أخرى.
وذلك من خلال فترة التعافي على يد مجموعة من الأطباء المتخصصون في الطب النفسي، حيث يهدف العلاج إلى تحقيق العديد من الفوائد من أهمها تأهيل المريض نفسياً لتقبل البرنامج العلاجي والاستجابة له بشكل أسرع.
وكما يعمل برنامج العلاج النفسي على مساعدة المريض في استرداد ثقته بنفسه، كما يؤهله للاختلاط مع البشر من جديد، وكل تلك العوامل تقلل بنسبة كبيرة من احتمالات تعرض المريض للاكتئاب أو الانتكاسة في المستقبل.
هل علاج الاكتئاب يسبب الادمان؟
أدوية مضادات الاكتئاب لا تسبب الإدمان بالمعنى المتعارف عليه، فالشخص الذي أدمن تناول أدوية مضادات الاكتئاب لا يشبه الشخص الذي أدمن تعاطي المخدرات والكحول.
إلا أنه يوجد شبه كبير في الأعراض الانسحابية التي تظهر على الاثنان أثناء توقفهم عن التعاطي.
الاكتئاب والادمان
وكما نعلم أن من أهم الأسباب التي تؤدي إلى الإدمان على تعاطي المخدرات أو شرب الكحوليات أو غيرها من أنواع الإدمان هو الاكتئاب النفسي البسيط إلى الحاد.
حيث أن العديد من الأبحاث التي أجريت على أكثر من حالة تؤكد أن التعرض لنوبات من الاكتئاب يدفع الكثيرين من الأشخاص إلى تناول المخدرات بحثاً عن السعادة المؤقتة و التى تنتهى بعد انتهاء تأثير الجرعة.
وقد فسر أحد الخبراء في علم النفس وعلاج الإدمان أيضاً أن علاقة الاكتئاب والإدمان أنه عادة ما يحدث الاكتئاب نتيجة أسباب عديدة.
ومن أهمها إنخفاض مستوى إنتاج الناقلات العصبية وهي مواد كيميائية توجد بشكل طبيعي في الدماغ والتي على الأرجح تلعب دورًا في الاكتئاب.
ومن أهم هذه الناقلات “السيروتونين” و”النورادرينالين”، ومن أهم الأسباب التى تجعل مستوى إنتاج هذه الناقلات ينخفض هو الإدمان على تعاطي المخدرات.
علاج الادمان والاكتئاب عبء على الأسرة
بالطبع يشكل المريض الذي يعاني من الإدمان والاكتئاب عبئاً ثقيلاً على الأسرة، وذلك لما يمر به من أعراض خلال إدمانه سواءً على المخدرات أو على أدويه مضادات الاكتئاب.
فقد يسبب المريض لأسرته العديد من المواقف المحرجة أمام العامة أو تعرضهم للعديد من المشاكل بسببه أثناء فترة تعاطيه.
وإن لم يتم الإسراع في علاجه فقد يتحول الأمر إلى مشاكل بالغة الخطوره قد تصل إلى الجنون أو الانتحار أو الإصابة بمشاكل قلبية وأوعية دمويه.
بالاضافة إلى صعوبات في التعامل مع المحيطين به والوقوع في الكثير من المشاكل الزوجية، وقد يلجأ المريض للإدمان على أكثر من نوع من أنواع المخدرات أو الكحوليات أو مضادات الاكتئاب.
وبالإضافة إلى اضطرابات الهرمونات عند السيدات كانقطاع الدورة الشهرية أو اكتئاب حاد أثناء الحمل، وقد يؤثر على الحمل أو على صحة الجنين، أو قد يحدث ولادة مبكرة، أو موت الجنين داخل رحم الأم.
حيث أن المادة المخدرة لها تأثير قوى مما تجعله غير قادر على تحمل الجرعات التي تتعاطاها الأم.
ولذلك إذا كنت تشك في أن أحد من يهمك أمرهم يعانى من الإدمان والاكتئاب فمن المهم والضروري أن تتعرف على علاج الادمان والاكتئاب.
علاج الادمان والاكتئاب
إنه من الصعب تشخيص الاكتئاب والادمان في الوقت ذاته، حيث قد يستغرق الاطباء وقتاُ طويلاً في تشخيصه، والذي يزيد الأمر صعوبة هو إنكار المريض وعدم اعترافه بأنه يعاني من الإدمان.
فصاحب العادة الإدمانية ينكرها وكذلك المريض بحالة نفسية، فيكون من الصعب أن يفصح المدمن عن إدمانه ويفضل الهروب على الاعتراف بما وصل إليه من نتائج سلبية أدت إلى تدمير حياته ومستقبله.
وكذلك المريض باضطراب نفسي حيث أن أعراض الاكتئاب قد تصيب الإنسان بالخوف والرعب، ولذا فهو يتجاهلها أملا في أن تختفى هذه الأعراض من تلقاء نفسها.
حيث أن العديد من المرضى يخشون أن يظهروا بمظهر الضعف والانكسار أمام الأقارب والأصدقاء بل والمجتمع بأكمله إذا اعترفوا بهذه المشكلة.
ولذلك على المريض أولاً أن يعترف بأنه مصاب بالادمان ويرغب في علاج الاكتئاب الذي دفعه إلى الإدمان، ثم التوجه إلى أقرب مراكز والمستشفيات المتخصصة في علاج الادمان على أدوية الاكتئاب.
ويشمل علاج الادمان والاكتئاب تنظيم برامج علاجية للمريض تحت إشراف العديد من الأطباء.
وهناك عدة طرق علاجية لعلاج الاكتئاب الناتج عن المخدرات بالاستعانة ببعض المتخصصين كمعالج نفسي لعلاج الاكتئاب وطبيب نفسي وأخصائي علم اجتماع.
فمن دونهم لا يكون الأمر سهلاً، ويتم علاج الادمان والاكتئاب من خلال بعض المراحل الأساسية كالآتي:-
مراحل علاج الاكتئاب بعد الادمان
دور الأهل والأقارب
يقوم المعالج النفسي بالاستعانة بالاقارب والاصدقاء للمساعدة في علاج المريض من خلال تقديم الدعم له بالاضافة إلى الدعم الذاتي من جانب المريض نفسه.
وتكون الخطوة الثانية هي إخبار الأهل والأصدقاء للمعالج النفسي بكل الظروف التي تحيط بالمريض مثل ظروف أسرية، ضغوط في عمل، ضغوط مادية قبل وقوعه في الإدمان.
دور المعالج النفسي
يقوم المعالج بوضع خطة لتغير سلوك المريض من السلوكيات السلبية إلى إيجابية، والتخفيف أيضاً من أعراض الاكتئاب.
كما يقوم المعالج النفسي بالتحدث إلى المريض ومعرفة المشاكل التي دفعته إلى الإدمان على المضادات الحيوية.
وعلى المريض أن يفصح بهذه المشاكل التي دفعته إلى الإدمان، حتى يعمل المعالج على حل هذه المشاكل.
دور الطبيب النفسي
يقوم بإجراء فحص جسماني ونفسي للمريض لكي يعرف المرحلة التي وصل عندها المريض من الاكتئاب، ثم يشرح للمريض أن ما وصله إليه ما هو إلا نتيجة من ضغوط الحياة القاسية.
دور أخصائي علم الاجتماع
يبدأ الاخصائي بمحاورة المريض للتعرف على الأسباب التي دفعته إلى العزلة والانطواء والهروب والخوف من المواقف الاجتماعية التي تمر به.
بالإضافة إلى تشخيص الآثار الجسمانية التي يتعرض لها من سرعة خفقان القلب، وآلام في الرأس والمعدة أو بعض الاضطرابات النفسية التي قد تأتي في أوقات معينة تدخل المريض في حالة من الاكتئاب الحاد.
ومن الجدير بالذكر أن تعرف عزيزي القارئ أن طريقة علاج الادمان بعد الاكتئاب ليست بالطريقة السهلة والبسيطة كما يعتقدها البعض.
وذلك لما يتعرض له المريض من آثار إدمان واكتئاب في نفس الوقت.
ولذلك إذا كنت ممن مروا بعلاج الادمان والاكتئاب وتخشى من الرجوع لهذه المعاناة مرة أخرى فلابد أن تتعلم بعض الاستراتيجيات للتعايش مع الحالة التي تمر بها لأخذ القرارات الصحيحة التي تمكنك من مواجهة ضغوط الحياة.
نصائح ما بعد علاج الادمان والاكتئاب
يجب أن تعرف أن الحياة لا تخلو من المشاكل والتحديات، ولذلك يجب على الإنسان اكتساب المهارات التي تمكنه من التعامل معها وكيفية إدارتها بالطريقة الملائمة، بدلاً من التوجه إلى الإدمان أو تقع فريسة للاكتئاب.
التعرف على المحفزات التي تدفعك إلى الإدمان أو تجعلك في حالة من الاكتئاب، وعند ظهور هذه المحفزات يجب أن يكون لديك خطة بديلة لتجنب حدوث الانتكاسة.
التواصل مع مجموعات الدعم أو الطبيب المعالج، وعدم ايقاف العلاج من تلقاء نفسك دون أن يكون الطبيب هو من أوصى بذلك.
ضرورة استكمال العلاج، حيث أن عدم استكمال العلاج بمثل طُعماً لسنارة الانتكاس والعودة مرة اخرى إلى نقطة البداية.
ممارسة الرياضة، وأساليب الاسترخاء المختلفة من التأمل وتمارين إرخاء العضلات وتمارين التنفس العميق، ستحد من أعراض الضغوط والاكتئاب والقلق.
وفي النهاية نود أن ننصحكم بأن أفضل سبل العلاج هو علاج الادمان والاكتئاب في آن واحد، فسواء كان الإدمان يسبق الاكتئاب أو العكس، فنجاح العلاج متوقف على علاجهما سوياً.
فكل ما عليك هو أن لا تيأس، وان يكون لديك العزيمة والارادة للشفاء من الإدمان والاكتئاب ولا تفقد الامل ولا تستلم.
تم التحديث في 25 يونيو، 2023 بواسطة دار الشفاء للطب النفسي وعلاج الادمان