إن خطوات علاج إدمان الكحول هي أهم ما يميز العلاج السلوكي والمهاري والنفسي لمدمن الكحول، ولمعرفة مدى ضرورة علاج إدمان الكحول نتعرف على الإحصائيات الرسمية.
فقد أوضحت الإحصائيات أن حوالي مليون شخص يعانون من إدمان الكحول ويتلقون العلاجي في العديد من المستشفيات العلاجية.
ولذلك يُعد إدمان الكحول من المخاطر التي تهدد المجتمع العربي خلال السنوات الأخيرة.
وقد أظهرت الإحصائيات العربية أيضاً أن السودان هي الثالثة عربياً في استهلاك الكحوليات والخمور وذلك بعد كل من الإمارات العربية المتحدة وتونس، وذلك بنسبة 24.10 لتراً من الكحوليات في المتوسط، وهي نسبة كبيرة للغاية.
لذلك ندق ناقوس الخطر خلال نقاط هذا المقال، ونتعرف سوياً على إدمان الكحول من حيث التعريف و الأضرار والأعراض، و كيفية خطوات العلاج من إدمان الكحول وغيرها من المعلومات الهامة.
ماهو تعريف الكحول؟
الكحول هو مصطلح يطلق على مركبات كيميائية مكوّنة من مواد شديدة الخطورة والسمية على صحة الجسد، فالكحول يعتمد في مكوّناته على بعض المواد مثل الهيدروكسيل الأحادي والثنائي والذي يتكون من مركبات الهيدروجين والأكسجين والكربون.
ومن المعروف أن الكحوليات من المواد المخدرة القديمة، فهي من أقدم المخدرات على وجه الأرض، وقد ذكرتها جميع الكتب السماوية وحرمتها لما لها من أضرار خطيرة على العقل والوعي والجسد وغيرها.
وفي الأساس فإن الكحول في حد ذاته له العديد من الاستخدامات الصناعية مثل صناعة العطور وتركيب العديد من الأدوية خاصة تلك الأدوية المهدئة والمسكنة للآلام.
والمواد المعقمة للجروح والتقرحات الجلدية ووقود لبعض الآلات الميكانيكية وغيرها من الاستخدامات، إلا أن الاستخدام المضر الذي نحن بصدده في هذا المقال هو صناعة المشروبات الكحولية أو الروحية أو ما يعرف بالخمر.
والخمر أو الكحوليات لها العديد من الأنواع، إلا أن أشهر تلك الأنواع تلك التي تصنع من عملية تخمير الفواكه مثل العنب والزبيب والتمر والتفاح والحبوب مثل الشعير والقمح والذرة وغيرها.
لماذا يعد شرب الخمور والكحوليات إدماناً؟
قبل الإجابة على هذا السؤال، فما هو الإدمان في الأساس؟ إن الإدمان مصطلح يطلق على اعتياد المخ للعديد من الهرمونات المفرزة داخله خاصة الدوبامين.
أو ما يسمى بهرمون السعادة الذي يربط المخ بنظام المكافأة الذي يجعل المدمن في حالة انتشاء دائم، وحالة خدر لذيذ تسري في أعصابه، مما يجعله يطلب المزيد من تلك الحالة التي تسببها مواد الكحول أو المخدرات عموماً.
نأتي لإجابة السؤال إذن لماذا يعد الكحول ذاته إدماناً؟
إن الكحول بمكوّناته التي تناولناها سابقاً تعد شديدة الخطورة على الصحة العقلية، أن تقوم بربط المخ والخلايا المكوّنة له بنظام المكافأة وبالتالي يطلب المخ بعد جرعات معينة زيادة في هذه الجرعات.
حتى يشعر بالنشوة والخدر اللذيذ الذي هو بعينه حالة الإدمان، وبالتالي يعتاد المخ هذا المؤثر الخارجي وبالتالي يحدث الإدمان على الكحول، وبالتالي يرتبط بعدة آثار وأضرار لهذا الإدمان نتحدث عنها بعد قليل.
أعراض إدمان الكحول على النواحي الجسدية والنفسية والعقلية
العديد من الأضرار القوية التي يعاني منها الإنسان الذي اعتاد الإدمان على الكحول وهذه الأضرار لها جوانب جسدية ونفسية وعقلية تتمثل في:
- أضرار خطيرة على المخ، حيث يعاني المخ الذي اعتاد صاحبه الإدمان على الكحول من ضمور للخلايا العصبية، مما يؤثر في وظائف المخ الحيوية وتقلص حجمه الطبيعي مما يؤثر بشكل كبير على الرؤية والكلام وغيرها من الحركات والوظائف الحيوية لأجهزة الجسم الأخرى.
- أضرار خطيرة على النواحي الجنسية، فإن مدمن الكحول يعاني من العجز الجنسي بشكل كامل، حيث تقضي الخمر والكحوليات على الانتصاب وقلة الخصوبة الجنسية والتأثيرات على الهرمونات الجنسية، وخلل في تأخير القذف وغيرها من مظاهر الضعف الجنسي.
- على الرغم من الشائعات التي ترتبط دائماً بشرب الكحول وقدرته الفائقة على القوة الجنسية، إلا أن هذا غير صحيح على الإطلاق حسب ما تظهره الدراسات الطبية على مدمني الكحول حول العالم.
- أضرار الكحوليات على الجهاز العصبي، وهذه تتمثل في تأثيرات الكحول على الجهاز العصبي بحيث تتحكم فيه كلياً مما يعني تغييب الوعي، والإصابة بالعديد من الأمراض العقلية والنفسية جراء إدمان الكحول.
- يؤثر الكحول على القلب والأوعية الدموية، بحيث تزداد فرص الإصابة بالنوبات القلبية المفاجئة والسكتات والجلطات الدماغية والخلل في ضغط الدم وغيرها من الأمور المرتبطة بالدم والخلايا والأنسجة.
- أضرار الكحول على الشعر، وهذا يتمثل في التأثير في مستويات الزنك وهو المعدن المسؤول في الجسم لتقوية الشعر من جذوره حتى أطرافه، وهذا قد يؤدي بشكل كبير إلى تساقط الشعر وتدمير جذوره.
- أضرار تتعلق بالجهاز الهضمي، حيث تتمثل تلك الأضرار في سرطان المعدة والأمعاء والقولون والبنكرياس وغيرها، لكن أكثر ما يمكن أن نفرد له نقطة كاملة هي أضرار الكحول على الكبد والذي نتناولها بعد قليل.
أضرار الكحول على الكبد
إن من الأمور المدهشة حقاً هو قدرة الجسم القوية والطبيعية على التخلص من السموم في خلال أسبوعين فقط من علاج إدمان الكحول.
فبمجرد الإقلاع عن إدمان الكحول فإن الكبد ينظف خلاياه من السموم التي لحقت به بعد مدة إدمان الكحول حتى لو كانت طويلة.
ولكن في حالة تدهور وظائف الكبد فإن هذا من شأنه يدمر الكبد وتظهر العديد من الأعراض الخطيرة التي ترتبط بهذا التدهور وذلك يتمثل في:
- التعب والإرهاق الجسدي
- تقيؤ الدم أو ظهور دم في البراز
- تورم في البطن
- الإصابة ببعض الأمراض المرتبطة بالكبد ولعل من أهمها تليف الكبد الذي يرتبط ببعض الأعراض مثل الاستسقاء وتراكم السموم في المخ والإصابة بعد ذلك بسرطان الكبد.
- التهاب أنسجة الكبد تماماً وتدمير الخلايا والوظائف.
- التهاب حاد في الكبد وهو ما يطلق عليه التهاب الكبد الكحولي وهذا المرض من مضاعفاته الشديد الموت المفاجيء.
علامات مدمن الكحول
قبل أن نتحدث عن علاج إدمان الكحول أو خطوات التعافي من إدمان الكحول، فإنه يجب على الأسرة والمحيطين ان يتعرفوا على بعض علامات مدمن الكحوليات حتى يقومون بنصحه والأخذ بيديه لكي يبدأ خطوات علاج إدمان الكحول التي سنشير إليها بعد قليل.
فما هي هذه العلامات؟
- تغييرات في السلوكيات اليومية المعتادة، والقيام ببعض الأعمال الخطيرة مثل القيادة المسرعة تحت تأثير الكحول، و القيام بارتكاب بعض الأعمال المنافية للشرف والآداب مثل السرقة والاغتصاب وذلك بسبب تغييب الوعي تماماً.
- يبدأ مدمن الكحول في البداية إلى الانعزال عن المجتمع المحيط به، والغياب عن العمل أو الدراسة و الهروب من المسؤولية الزوجية والعائلية.
- الاهمال في مظهره الخارجي خاصة في ملبسه وشعره وغيرها من المظاهر.
- التقلبات المزاجية المفاجئة مثل مشاعر الحزن الفجائي دون سبب أو مبرر واضح، أو غيرها من مظاهر الفرح وغيرها من تلك المشاعر المتضاربة.
- الإصابة بالعديد من الأمراض النفسية مثل نوبات القلق واضطراب الشخصية والذهان العقلي والإصابة بالهلاوس السمعية والبصرية والاكتئاب.
في تلك الحالات فإن هذا الشخص الذي يعاني من جميع هذه العلامات هو بنسبة كبيرة للغاية مدمن كحول، ويجب أن يتخذ بشأنه العديد من خطوات علاج الإدمان على الكحول، وهو ما نتحدث عنه في النقطة التالية من هذا المقال بالتفصيل.
خطوات علاج إدمان الكحول
هناك العديد من الخطوات التي تعتمد على برامج علمية وسلوكية يقوم بها أمهر الأطباء، وهذه الخطوات لها هدف واحد فقط وهي الوصول إلى نقطة التعافي من إدمان الكحول فما هي تلك الخطوات؟
تنقسم خطوات علاج إدمان الكحول ما بين علاج جسدي وعلاج سلوكي ونفسي يعتمد على أساليب العلاج السلوكي الحديث والمتطور في هذا الصدد.
علاج إدمان الكحول من الناحية الجسدية
بسبب الأضرار التي تناولناها في النقاط السابقة وهي خطيرة للغاية من الناحية الجسدية وتبدأ خطوات الإقلاع عن شرب الكحوليات والخمور في البداية قبل العلاج المتمثل في النقاط التالية:
مرحلة سحب السموم وتنقية الجسم من سموم الكحوليات خاصة تلك العالقة في أجهزة الجسم المختلفة والدم، والكبد وغيرها من الأعضاء كما تناولنا سابقاً.
وهذه المرحلة تعتمد على برامج علاجية آمنة تماماً بعيدة عن مظاهر الألم، حيث تعتمد على بعض الأدوية والأساليب الحديثة التي تساعد الجسم على تنقية نفسه من السموم الخطيرة، وتستمر هذه العملية العلاجية حوالي أسبوع على أقصى التقديرات.
مرحلة علاج الأعراض الانسحابية لإدمان الكحول، حيث أن أعراض انسحاب مدمن الكحول خطيرة للغاية وتتمثل في العديد من المظاهر مثل الرغبة في القيء المستمر وحدوث دوار وغثيان وبطء في الحركة خاصة في الاطراف وخسارة وفقدان الوزن بسبب فقدان الرغبة في الطعام وفقدان الشهية.
هذه تعتبر من الأعراض الظاهرية الهامة التي تظهر خلال العلاج، لذلك يعتمد العلاج في تلك المرحلة الهامة في الأدوية التي تعالج هذه تلك المظاهر من ناحية، وتساعد الجسم على التخلص سريعاً من الأضرار التي تنتج عن إدمان الكحول.
وعلاج الأعراض الانسحابية من أخطر وأصعب المراحل التي يواجهها مدمن الكحول الخاضع لعلاج إدمان الكحول، حيث تستمر من أسبوعين حتى شهر كامل، لكن هل تكفي هذه المراحل تماماً للعلاج؟
بالطبع لا فإن العلاج السلوكي لإدمان الكحول في غاية الأهمية، لأنه يعتمد على تغيير السلوكيات الإدمانية الشديدة التي ارتبط بها مدمن الكحول خلال رحلته الخطيرة في الإدمان فما هي أساليب العلاج السلوكي؟
علاج إدمان الكحول من الناحية السلوكية والنفسية
هذه هي المراحل التي تؤدي بالفعل إلى التعافي من إدمان الكحول، حيث تعتمد هذه المرحلة العلاجية على الطب النفسي والسلوكي الذي يعتمد على عدة أساليب نفسية وسلوكية ومهارية في تغيير سلوك الإدمان وإبداله بالعديد من السلوكيات الأخرى الجديدة التي تساعد على تغيير الحياة.
هذه المرحلة يقوم فيها الأطباء النفسيين بالجلسات النفسية والسلوكية والمهارية التي تساعد المريض على العلاج النفسي أولاً من الأمراض التي تسبب فيها الكحول و إدمانه.
وثانياً علاج السلوكيات المرتبطة بالإدمان وثالثاً وهو الأهم تدريب المدمن على بعض المهارات السوية والطبيعية لحل مشكلاته الاجتماعية والنفسية دون اللجوء مرة أخرى إلى إدمان الكحول أو الانتكاسة بمعنى آخر.
كما أن للأسرة دوراً كبيراً من ضمن أساليب علاج إدمان الكحول من الناحية المهارية، حيث يعتمد على تدريب أفراد الاسرة في احتواء المدمن وتشجيعه على مراحل العلاج.
كما تعتمد أساليب العلاج السلوكي على بعض البرامج الهامة للتعافي من إدمان الكحول مثل برنامج الاثنى عشر خطوة، وكذلك برنامج ال 28 يوم لعلاج الإدمان وغيرها من البرامج السلوكية و المهارية الهامة والتي تعتمد عليها خطوات علاج إدمان الكحول في جميع الدول العربية.
في النهاية، فإن علاج إدمان الكحول بمراحله الهامة يعتبر هو قارب الإنقاذ الوحيد بالنسبة للمدمن، الذي يجب على مؤسسات المجتمع المدني أن تساعده لكي يكون من ضمن راكبي هذا المركب ويبدأ في التعافي والإقلاع عن شرب الكحوليات والخمر من أجل سلامته الشخصية، وأيضاً سلامة المجتمع.
تم التحديث في 30 مايو، 2023 بواسطة دار الشفاء للطب النفسي وعلاج الادمان