لقد باتت الموضة من أهم العوامل التي تشغل بال هذا الجيل الحالي هذه الأيام، حتى أصبح تفكيرهم ينصب في الاهتمام الأكثر فأكثر بالشكل والأزياء والموضة، والبحث عن كل ماهو جديد يخص الموضة، إلا أن هذا الاهتمام تحول إدمان يعاني منه البعض من الناس وخاصةً الفتيات، ولذلك سوف نتحدث في هذا المقال عن كل ما يخص إدمان الموضة وأضراره.
في الواقع لا يختلف الكثير على أن متابعة آخر صيحات الموضة والاهتمام بالشكل لا ينحصران فقط على فئة عمرية معينة.
فقد أصبح المظهر الخارجي لغة تُخاطب بين الناس فهي تعبر عن الشخصية أو الذات والانتماء، حيث يبذل المرء جهداً كبيراً لمواكبة كل جديد يخص الموضة، من ملابس وألوان عصرية وأحذية والحقائب.
بالإضافة إلى تسريحات الشعر وقصاته وألوانه الجديدة الملائمة، وصولاً إلي تقنيات التجميل والماكياج الحديثة، كما أن إقتناء أهمّ الاكسسوارات أمر لا بد منه أيضاً، بالإضافة إلى أحدث الموبايلات وأجمل المجوهرات والساعات وحتى السيارات وغيرها.
ففي الآونة الأخيرة أصبحت الملابس والموضة صناعة هامة تجلب أرباحا طائلة على العاملين بها، كما أصبحت تحتل مكانة هامة في حياة الأفراد وخاصةً الشباب.
الا ان الاهتمام المتزايد بالموضة والمساحة الكبيرة التي تشغلها في حياة الشباب العربي أصبحت ظاهرة أشبه بالإدمان ذلك أن اتباع الموضة تعدى مجرد البحث عن الظهور بشكل جميل ومقبول.
وأصبح محور حياة الشباب الذين باتوا في أغلبهم “ضحية للموضة” ينحصر في التسوق وتصفح مجلات الموضة ومشاهدة البرامج التلفزيونية التي تعرض آخر صيحات الموضة.
ولكن السؤال الذي يطرحه البعض متى يصبح هذا الأمر إهداراً للمال والوقت والجهد؟ ومتى يتخطى خطوط المقبول وينقلب إلى إدمان الموضة وليس مواكبة لها فقط؟
بالطبع كلنا يعلم أن التسوق متعة، وهو عبارة عن هواية أساسية يمارسها البعض في سبيل الإسترخاء، ولكنه قد يتحول إلى إدمان التسوق أيضاً.
ومع عصر التكنولوجيا أصبحت الموضة العالمية في متناول الجميع من خلال التسوق الإلكتروني وتصفح مجلات الموضة ومتابعة البرامج التلفزيونية.
حيث أصبح الترويج لمختلف أنواع الملابس والاكسسوارات والأحذية والمجوهرات والخدمات التجميلية وطرق تصفيف الشعر والماكياج وغيرها تعدّى إطار الإعتدال، إذ بات الشاغل الأوحد لدى فئة كبيرة من الناس.
ومن جهة أخرى، يشعر البعض بالحاجة إلى ماسة إلى حب الظهور ولفت الأنظار ومتابعة الموضة بحذافيرها واقتناء كل ماهو جديد ليكونوا هم السابقين.
وبذلك تتحول من مجرد هواية إلى هوس وإدمان الموضة! فالإنجراف وراء آخر صيحات الموضة العمياء أمر لا يجوز وهذا لأسباب عدة.
أبرز الأسباب الدافعة على إدمان الموضة
- تتميز كل بلد بهوية خاصة به من ثقافة وتراث ومعتقدات فريد، وتنحصر هذه الهوية في اتباع نمط معين في الملبس والطعام واللغة والعادات، إلا أنه مع هذا الإنفتاح تداخلت القيم والتقاليد، وسيطرت الموضة العالمية على تراث وجمال كل مجتمع، وأصبح لا يوجد ما يمنع للتعرف على كل مايخص الموضة في الثياب والشعر والتجميل عموماً وتطويعها لتناسب كل منطقة وسيّدة ومناسبة، وتبقى اللمسة الخاصة بكلّ شخص هي ما يميّزه عن بقية الأفراد.
- التخلي التام عن الشكل الطبيعي ورفض التقيد ببعض الخطوط الحمراء والتغيير الجذري.
- التباهي أمام الآخرين بما تم شراءه من آخر صيحات للموضة.
- رغبة الفئة ذو الدخل المتوسط بالمساواة بينها وبين فئة الأغنياء من حيث الملبس وأشياء.
- الرغبة في تقليد بعض الفنانين والمشاهير.
- ثقة الناس في جودة هذه المنتجات واقتنائهم لها بكثير من القطع لمنتج واحد.
- تجنب التنمر اللفظي من الآخرين لعدم سيره على آخر صيحات الموضة.
- الهوس بماركات المصممين وإدمان لبس كل ما يصممونه.
ولأن إدمان الموضة أصبح داءً عالميا، ونحن أصبحنا جزءً من هذه الحالة، فالكثير منا يلاحظ تهافت الناس من كلا الجنسين وخاصةً الفتيات من أجل جلب كل جديد من منتجات المصممين حتى وإن كانوا من الفئة ذو الدخل المتوسط.
وهذا يعتبر أمراً ملفتا، فما الذي يجعل هذه الفئة يتحملون هذه الضغوط المادية لمجرد الرغبة في الظهور بشكل مميز وأنيق أو للتباهي بامتلاك قطعة ملابس أو حقيبة مواكبة للموضة أو غيرها ممن يحملون شعار لمصمم ما؟!
بعض الأبحاث التي أجريت أثبتت أن عن نهايات مأساوية لبعض الفتيان والفتيات نتيجة الديون التي تراكمت عليهم بسبب عادات الشراء المرضية، وبسبب تأثرهم بحياة وسلوكيات النجوم والمشاهير وما تبثه وسائل الإعلام.
وبغض النظر عن المبررات التي تساق عن جودة تلك المنتجات وروعة تصاميمها وهي لا شك مبررات منطقية إلا أنها لا يمكن أن تفسر وحدها هذا الهوس!
ويرى أيضاً بعض اخصائي علم النفس والاجتماع إن الشباب بصفة عامة وخاصةً المراهقين يبحثون دوماً عن الانفراد والبروز وجذب الانتباه إلى جانب الحصول على القبول الاجتماعي.
كما أن هذه الفئة العمرية بسبب عدم اكتمال نضجها الفكري تكون عُرضة أكثر من غيرها لكثير من المؤثرات الخارجية.
أضرار إدمان الموضة
تظهر آثار إدمان الموضة في أشياء مثل المكياج المفرط على الوجه والملابس الضيقة والعارية التي قد لا تناسب عادات وتقاليد المجتمع العربي.
بالإضافة إلى بعض قصات الشعر الملفته للنظر والتي قد تصبح غير لائقة للبعض وقد يصل الأمر إلى حد بشاعة المظهر ولكنه مقتنعون بها على أنها مواكبة الموضة، وبالإضافة أيضاً إلى البناطيل الضيقة.
فتشير تقارير صحية إلى أن موضة “الجينز” الضيق، أو “السليم”، يؤدي ارتداءه بشكل يومي، على المدى الطويل، إلى ظهور انتفاخات في البطن، وحرق في المعدة ومشاكل في الشرايين وخاصةً في منطقة الحوض والفخذين، بالإضافة إلى الإصابة بالعقم لكلا الجنسين.
ويري بعض أخصائي علم النفس أن متابعة تفاصيل الموضة يبعث الفرحة والبهجة في نفوس بعض الأشخاص إلا أنه عندما تنقلب المتعة والهواية إلى عمل دائم يصبح التسّوق هوساً والاهتمام بالمظهر إدماناً مما يجعل الشخص يعاني من إدمان الموضة وجلب كل ما هو جديد ولذلك يجب علينا أن نحد من هذا الإدمان.
فإدمان الموضة أصبح يتحكم في صاحبه و يسلبه إرادته، فالمبالغة بإعطاء الموضة أكثر أهمية واعتبار مقتنياتها من الكماليات يؤثر سلباً لا محالة على المرء.
حيث أن إعطاء اللبس والموضة والتجميل حجماً أكبر بكثير من الطبيعي واعتبارها شيئاً أساسياً في حياة الفرد وبدونه تتوقف الحياة، وربط صورته الاجتماعية بها قد ينجم عنها عدم توازن في شخصية الإنسان الذي يعتبر آن شكله الخارجي هو أساس وجوده وأهميّته بين الناس.
وختاماً ينبغي علينا أن نعلم أن عاداتنا وتقاليدنا لا يجب أن نتخطاها بأشياء لا تناسب مجتمعنا العربي، فالتغيير للأفضل أمر لا يرفضه مجتمعنا ولكن بدون تبذير وإسراف في اقتناء أشياء لا قيمة لها.
فمسايرة الموضة ينبغي أن تكون في الأشياء التي تليق بك وبمجتمعك، وأن تكون أيضاً صحية لك فلا تقوم بشراء البناطيل الضيقة ولا تضعين مستحضرات التجميل بطريقة مفرطة، ففي النهاية جمالك الفطرى أجمل بكثير من هذه المستحضرات.
تم التحديث في 29 سبتمبر، 2023 بواسطة دار الشفاء للطب النفسي وعلاج الادمان