تبين من الخبره العلاجيه أن المدمن هو أكثر شخص معرفةً بحالته، ومجرد إستيعابه لهذه الحقيقية يعيد إليه جزأ من سيادته علي نفسه مما يمنحه الشجاعة للإقبال علي علاج الادمان للخروج من هذه الأزمة، ويعد هذا نوعاً من الذكاء الشخصي المتوفر عند الجميع ولكن بنسب متفاوته.
وعندما يتسلح الشخص بالفهم وبالأمانه والصدق في تقييم حالته وكذلك بالإقنتاع بضرورة الخروج من الأزمه فإنه سيجد في فهم المراحل التي مر بها مفتاحاً من مفاتيح الحل.
ولا شك أن فهم مراحل التورط في الإدمان أو أسباب الادمان له دور كبير في مساعدة الكثيرين من المدمنين في إيجاد مخرج لهم مما تورطوا فيه.
وفي أن يتيقنوا من حقيقه الأزمة، ويساعدهم أيضاً علي تركيزالجهود التي يبذلونها في العلاج من الادمان.
وجدير بالذكر أن كثير من مسميات هذه المراحل هي من إختيار المدمنين أنفسهم.
وسنتناول في هذا المقال أهم مرحلتين من مراحل الإدمان وسأحاول أن ألقي الضوء علي الأبعاد النفسية والفلسفية فيهما للمزيد من الفهم والإستنارة.
وهاتين المرحلتين هما ..
عناصر المقالة
مرحلة الإستكشاف
وفي هذه المرحلة يدفع الفرد فضوله لتجربة وإختبار مثل هذه التجارب التي يسمع عنها، ولا شك أن للثقافة العامة في المجتمع دور كبير في إثارة مثل هذا النوع من الفضول.
فمشاهدة الأفلام التي يتناول فيها البطل المخدرات دون ألم ودون عقاب يجعل المخدرات من التجارب التي يتطلع المراهقون والشباب إلي تجربتها.
كذلك فإن الوسط الثقافي القريب له دور هام وبالغ الخطورة أيضاً، فإذا كان الأب أو أحد الأقارب يتناول المخدرات فإن هذا يعد دليلاً إجتماعياً قوياً لدي المراهق أو الشاب علي أن المخدرات شئ جدير بالتجربة.
وكل هذا يدفعه إلي إستكشاف هذه التجربة بنفسه، وتعد هذه المرحلة بمثابة البوابة لدخول عالم الإدمان فيختبر الشاب الموضوع الإدماني بنفسه سواءً كان خمر أو حشيش أو مواد كيميائية أو حالات مثل القمار وغيره.
ويبرر الشخص أفعاله لنفسه مدعياً أنها مرة واحدة ولن تتكر أو أنه يريد أن يكتسب معلومات جديدة عن هذا العالم أو أنه يريد أن ينسي همه أو غير ذلك من المبررات التي لا حصر لها.
وبهذا يلغي كل إشارات الخطر الموجودة على طريقة أو بمعني أدق يتجاهلها تماماً فلا يفكر في عواقب ومآلات هذه التجربة ولا حتي يفكر في مدي أهميتها.
بل ويوجه تركيزه علي الجوانب الإيجابية في التجربة فيربطها ذهنيا بالفرحة والمتعة وغير ذلك وهذا الربط الذهني بين المخدرات والأشياء التي تجلب المتعة تجعله يكرر التجربة وتجذبه إليها.
ولا شك في أن غياب الوعي هو العامل المساعد في هذه المرحلة المهمة، فإذا تعرض هذا الشاب لتوعية بأخطار أو اضرار الادمان على المخدرات من خلال ربط تجربة الإدمان بالألم من خلال الفن والسينما والتلفزيون – لأن السينما والتلفزيون هما المسئول الأول عن التوعية في مجتمعاتنا، فإن الشباب لن ينموا لديهم دافع الإستكشاف والفضول لتجربة هذه الأشياء.
ذلك لأن القاعدة التي يعمل بها المخ هي الإبتعاد والهروب من كل ما يرتبط بالألم، لهذا نجد أن الطفل لا يقترب من النار بعدما يتألم منها وهكذا الحال عند كل البشر فإن المتعه تجذبهم والألم ينفرهم.
مرحلة شهر العسل أو مرحلة الحفلة
بعد أن يكون الشخص قد ربط الإدمان بالمتعه فإنه في المرحلة الثانية يتعامل مع الموضوع الإدماني ( المخدر ) علي أنه مصدر من مصادر المتعه.
ويترسخ لديه هذا الإعتقاد ويدفعه إلي الرغبة في قضاء شهر عسل مع موضوع الإدمان. وليس ذلك فحسب بل يأخذ معه في هذا الطريق أقرب أصدقائه إليه.
ونظراً لأن الصديق يصدّق صديقة القريب فإنه يكون مقنعاً جداً له ويكون كلام صديقه دليلاً علي أن هذا الشئ جدير بالتجربة.
وجدير بالذكر أن كل المدخنين للسجائر بدأوا بتدخين السجائر بهذة الطريقة، حيث التماشي مع الشلة أو الأصدقاء المقربين الذين سبقوهم إلي التدخين.
وإذا سئلت أي مدخن للسجائر عن بداياته في التدخين ستجد أن الرغبة في التماشي مع الأصدقاء هو الذي دفعه إلي التدخين.
وهنا درس مستفاد هو أن إختيار الصديق أهم من إختيار الطريق كما يقال.
ونظرا لإرتباط المخدر بالمتعة في ذهن المدمن فإنه في هذه المرحلة يزيد من تناوله للمخدر لكي يزيد من إستمتاعه.
وتتطور علاقته بعالم الإدمان ويستحوز علي مساحة كبيرة في عقله مما يشغله عن أمور كثيرة مهمة ويصبح شخصاً مختلفاً لا مبالياً وتطرأ علي شخصيته تغيرات جديدة هو لا يلاحظها بالكامل ولكن المحيطين به يلاحظونها جيداً.
ذلك لأن هناك حقيقة في علم النفس تقول أن الآخرين يعرفون عن أنفسنا أكثر مما نظن أننا نعرفه عن أنفسنا.
شاهد هذا الفيديو عن رحلة الإدمان
تم التحديث في 29 نوفمبر، 2022 بواسطة دار الشفاء للطب النفسي وعلاج الادمان