مرض الكتاتونيا هو أحد أخطر الأمراض النفسية التي تصيب الإنسان على الإطلاق، إنه المرض الذي يصيب الإنسان الشاعر بالأمان ويجعله في خوف دائم.
إننا كبشر دائماً وأبداً نسعى إلى تحقيق الأمان بشكل طبيعي، لكن مع هذا المرض فإن الخوف يسيطر علي المصاب بشكل مرضي لا يعرف معه معنى للأمان.
في هذا المقال نتعرف على هذا المرض ” الكتاتونيا ” وأعراضه وكيفية الوقاية منه والكثير من المعلومات التي قد تكون خافية علينا، فما هي قصة هذا المرض إذن؟
مرض الكتاتونيا .. هل نحن معرضون دوماً للإصابة بهذا المرض؟
قبل الحديث عن هذا المرض من حيث الأسباب والأعراض والوقاية والعلاج لابد لنا أن نطرح سؤال هام يحمل الكثير من الخطر، هل بالفعل نحن معرضون في اي وقت للإصابة بمرض الكتاتونيا أو الجامود النفسي؟
بالطبع وللأسف الشديد نحن معرضون خلال حياتنا للإصابة بهذا المرض وبسهولة شديدة علي الأقل لمرة واحدة، ولكن لماذا؟
إن الأمر يكمن في اسباب هذا المرض التي نتعرض إليها في كثير من الأحيان والتي يمكن تلخيصها خلال النقاط التالية.
أسباب الإصابة بمرض الكتاتونيا
- إن التعرض للأزمات والصدمات الحياتية كفقدان حبيب، أو موت عزيز لدينا وغيرها من الصدمات التي من الممكن ان نتعرض لها في أي وقت من الأسباب الرئيسية للتعرض لهذا المرض، الذي يعني في كثير من الأحيان التعرض للخوف وفقدان الأمان بشكل غير طبيعي يصعب معه العودة للحياة الطبيعية والسوية في كثير من الأحيان.
- الإصابة ببعض الأمراض العقلية والعصبية قد تكون سبباً هاماً أيضاً للإصابة بمرض الكتاتونيا مثل الإصابة بالتهابات الدماغ والرضوض الدماغية أو السكتات الدماغية القوية، وقد تكون هذه الأسباب في خلل كيمياء الدماغ أو النواقل العصبية أو حساسية المستقبلات لتلك النواقل العصبية وبالتالي يكون من أعراضه نوبات الاكتئاب.
- قد يكون الأمر متعلقاً أيضاً بأمراض المناعة الذاتية التي تصيب الإنسان لأي سبب كان.
- كذلك إن الإقبال على تناول وتعاطي المخدرات وخاصة الجرعات الزائد منها سبباً في الإصابة بهذا المرض الخطير.
- شعورنا بالذنب قد يكون مسبب لمرض الكتاتونيا، فمن منا لا يشعر بالذنب بعد أي مشكلة يتعرض لها بحيث يكون هو المتسبب في هذه المشكلة أو الكارثة، ولكن حذاري فهناك شعرة ما بين الشعور بالذنب والندم على ما كان وبين الشعور بالذنب بشكل مرضي.
هذه هي الأسباب الحقيقية لهذا المرض، وبالطبع جميعها أسباب قد تحدث لنا بنسب مختلفة، ولذلك علينا الحذر تماماً من النقاط السابقة وعلاج أمورنا النفسية بشكل عاجل حتى لا يتفاقم الوضع أكثر.
حسناً هذا المرض له العديد من الأسباب كما بينا في النقاط السابقة، فما هي الأعراض التي نتعرف عليها من خلاله؟
أعراض الكتاتونيا خطيرة .. الأعنف في تاريخ المرض النفسي
لا نبالغ إذن إذا قلنا أن أعراض مرض الكتاتونيا هي الأعنف، حيث يتعرض مريض الكتاتونيا للعديد من الأعراض التي تجعله جثة هامدة على قيد الحياة.
فكلمة الكتاتونيا اليونانية تعني الجثة الهامدة، وكأن الكلمة العربية لهذا المرض ” الجامود” معبرة تماماً عن الحالة النفسية التي تعبر عن مكنونات هذا الشخص، ان يصبح كائناً جامداً في المشاعر والأحاسيس، وكأنه يبدو جثة ميتة على قيد الحياة.
نترك الحديث عن اللغة ونتحدث عن الأعراض الخطيرة التي يتعرض لها الشخص، ما هي بالتحديد؟
- يشعر المريض بعدم الأمان والراحة بعدما تعرض للصدمات الشديدة، حيث يغيب عن الوعي والحقيقة.
- يحاول المريض أن يعيش في قوقعة منعزلة بعيدة عن الحقيقة بحيث يقوم بوضع نفسه في عالم مليء بالأوهام والخيال يصنعه بنفسه تماماً وكأنه قد فارق الحياة الطبيعية.
- إن أعراض مرض الفصام تتشابه بشكل رئيسي مع مرض الكتاتونيا وهذه الأعراض تنحصر في تيبس الأعصاب والهياج والصراخ المستمر ثم الانتقال غلى مرحلة الهدوء واللاوعي بعد نوبات الصراخ تلك، وهي أعراض تتشابه إلى حد بعيد من الفصام.
- الإصابة بمتلازمة التمثال الشمعي وهي عبارة عن ظهور الشخص المصاب وكأنه جامداً لا يتحرك لفترات طويلة وقد يثبت الشخص المصاب في وضعيات مختلفة غير طبيعية وسوية ومؤلمة في كثير من الأحيان.
- تعبيرات الوجه قد تتقلب ما بين الجمود وما بين القيام بحركات وإيماءات متطرفة و غير سوية.
هل يمكن العلاج من مرض الجامود أو الكتاتونيا؟
بالطبع هناك العديد من الخطوات العلاجية الهامة والوقائية ايضاً، ونبدأ إذا بخمس خطوات علاجية يقوم بها الأطباء النفسيين للقضاء على أعراض هذا المرض:
- تناول العديد من الأدوية المهدئة والمرخية للأعصاب، وتلك الأدوية المعالجة لمرض الذهان والفصام، فإن هذه الأدوية والطرق الدوائية تساعد على ضبط أداء المخ والهرمونات المنظمة له.
- العلاج بالصدمات الكهربية وهي لا تستخدم إلا في بعض الحالات المزمنة أو التي تحتاج بالفعل للصدمات كي يتم كيمياء المخ والتحكم في مساراته ونواقله العصبية.
- الالتزام بتناول المكمّلات الغذائية والفيتامينات والعناصر المعدنية المهمة وذلك لأن في حال نقصانها يعاني المريض من مضاعفات خطيرة، وكذلك فإن توافرها في الجسم من شأنه يساعد المريض في التحسن.
- الجلسات النفسية العلاجية التي قوم بها الأطباء النفسيون باستمرار لخروج المريض من العزلة النفسية التي يعاني منها المريض والتي تؤثر في تفاقم المرض وأعراضه التي تناولناها سابقاً.
- الاهتمام بالمحيط العائلي والأسري للمريض، خطوة هامة من خطوات علاج مرض الكتاتونيا حيث تؤثر الأسرة بالاحتواء العاطفي والنفسي كثيراً في تحسن الحالة النفسية التي يعاني منها مريض الكتاتونيا، لذلك يعتمد الأطباء النفسيون على الأسرة في استمرار ونجاح العملية العلاجية.
الطرق العلاجية متعددة كما نرى، لكن هل هناك بعض الطرق الوقائية الهامة التي تقينا من الإصابة بأعراض مرض الكتاتونيا؟
الوقاية من أعراض مرض الكتاتونيا
إن الأسباب التي قد نتعرض لها يمكن أن نبتعد عنها بسهولة، إلا أننا نحتاج للتصرف السليم معها، فما هي طرق الوقاية من التعرض للصدمات وغيرها من مسببات مرض الكتاتونيا؟
- على الأسرة دوراً كبيراً للغاية في احتواء الناحية النفسية والعاطفية للفرد بهذا المرض، بحيث تصبح عملية الاحتواء تلك واقية له من المضاعفات الخطيرة للناحية النفسية والأمراض التي قد تصيبه، كما تساعد على تحمّل الصدمات النفسية والعقلية التي قد تحدث بعد المشكلات التي يمر بها هذا الفرد.
- البعد عن الهجوم غير المبرر لاولادنا في حالة ارتكابهم بعض الأخطاء والمشكلات الحياتية، و نساعدهم على غرس شعور الحب والتعاون والتسامح فيما بينهم، كما يجب أن يكون اختلاق الأعذار صفة هامة يتحلى بها الآباء تجاه الأبناء، لأنه في النهاية مرض الكاتاتونيا قد يكون عرضاً للهجوم غير المبرر على الأبناء.
- التدريب على حل المشكلات الحياتية بالمنطق بعيداً عن التعرض للصدمات التي قد تكون سبباً كبيراً لمرض الجامود أو الكتاتونيا.
يبقى في هذا المقال أن نؤكد أن مرض الكتاتونيا مرض نفسي خطير يؤثر على النواحي العقلية، لكن يجب أن نؤكد أن الطرق العلاجية قد تستغرق وقتاً طويلاً وهنا تكمن الخطورة للأسف.
إلا أن الالتزام الدقيق بتعليمات الطبيب النفسي والأدوية والطرق العلاجية كما تناولناها في السابق من شأنه أن يخفف من أعراض هذا المرض ويقضي عليها، لكن تبقى المضاعفات وقتاً طويلاً لذلك على المريض التحلي بالصبر والالتزام حتى يتجاوز تلك المحنة.
تم التحديث في 31 مايو، 2023 بواسطة دار الشفاء للطب النفسي وعلاج الادمان