أسست السويدية كارينا هاكنسون في عام 1987 مؤسسة لرعاية مرضى الأمراض النفسية، أطلق عليها منظمة رعاية الأسرة، بمدينة جونثبرج بالسويد.
وذلك لتكون بديلًا عن المصحات النفسية التقليدية، بهدف تقديم برامج رعاية المرضى النفسيين بأسلوب مختلف، لمساعدة الذين فشل النظام العلاجي التقليدي في شفائهم، وخصوصًا مرضى الذهان.
ويجرى وضع المرضى طواعية في مزارع خاصة تمتلكها بعض العائلات بالريف السويدى، حيث توفر المنظمة لأفراد هذه العائلات دورات تدريبية، في مجال الرعاية النفسية للمرضى.
ويكون الشرط الأساسي هو وجود استعداد تلك العائلات للقيام بتلك المهمة، واحتضان المرضى وتفهم حالاتهم، وتلبية احتياجاتهم، وليس وجود الخبرة السابقة لديهم فى طب الأمراض النفسية.
ويقول الطبيب النفسي الأمريكي ويليام جونسون، والذي سمحت له المنظمة بالاطلاع على طريقتها الفريدة التى تتبناها مع نزلاءها ودراستها إنها كطريقة علاجية تختلف كثيرًا عما تعلّمه من طرق العلاج الاكاديمية والتقليدية، كمعالج نفسي في الولايات المتحدة، مشيرًا إلى أن القائمين على تلك المنظمة لم يبدءوا عملهم من نقطة الصفر، بل جاهدوا من أجل الأصالة.
ويصف الطبيب الأمريكي مركز رعاية الأسرة بأنه لا يختلف عن البيئة الريفية السويدية التقليدية كثيرًا، حيث يتضمن مجموعة من البيوت الأسرية الموجودة وسط المزارع.
تقوم بالدور البديل لدور الرعاية النفسية ولكن الشيء المختلف في هذا الأمر أنها تتعامل مع أشخاص قد مروا سابقًا بتجارب غير سعيدة في حياتهم.
أو قد افتقدوا لدور الأسرة خلال طفولتهم، وهنا يكون الدور المحوري للمنظمة وهو تقديم الدعم العاطفى اللازم على أيدي أشخاص عاديين، يتم تدريبهم بشكل مكثف من أجل احتضان النزلاء.
وبالإضافة إلى ذلك فإن الأجواء العائلية والتصرفات الأسرية التي يعيش معها المريض الذي حضر بنفسه لتلقيها ودون ضغوط من أحد تهدئ من حدة حالته، وتساعده على الاسترخاء، وبالتالى تخف أعراض المرض الذي يعاني منه.
ويهدف أيضًا النظام العلاجي بمنظمة رعاية الأسرة إلى ترسيخ مفهوم ما يطلق عليه فى الطب النفسى (النظام العلاجي المجتمعي المتكامل).
وذلك عن طريق السماح لعائلات المرضى بالإقامة معهم فمثلًا يتم السماح للأطفال بالإقامة مع والديهم، والعكس.
وهذا أيضًا من الأمور التى تميز طريقة العلاج في تلك المنظمة، عن دور الرعاية النفسية التقليدية، والتي يتم عزل المرضى والنزلاء فيها عن الآخرين.
وكذلك من ضمن الفلسفات التى تقوم عليها منظمة رعاية الأسرة فلسفة التعاون، حيث تقدم بالفعل خدماتها العلاجية عن طريق محاكاة دور الأسرة، والتعاون الذى ينشأ بين أفرادها، حيث يكلف النزلاء ببعض الأعمال المنزلية، والحقلية، تأكيدًا لمبدأ المشاركة الأسرية.
ومن الملفت للنظر في مسألة التعاون الأسرى أنه وجد أن أغلب النزلاء يقومون بتأدية مهامهم على نحو جيد من الكفاءة التي تتحسن معها حالاتهم النفسية.
وترتفع بالتالي معنوياتهم وذلك على الرغم من خلو البرنامج العلاجي من أية عقاقير دوائية، والسبب أن الجهود المشتركة جعلت كل شيء ممكنًا.
ونجحت المنظمة فى خلق مكان يصلح للعيش المتوازن للمرضى، وأيضًا لمن يعملون بالمنظمة، حيث من ضمن الإيجابيات المترتبة على تلك الجزئية أنها تترك المرضى لأن يصلوا بأنفسهم إلى الطريقة الأفضل في التفكير، وإعادة صياغة معتقداتهم عن الحياة على نحو صحيح.
ويعتمد أسلوب العلاج بالمنظمة على أنه وطالما أن المرضى يأتون إلى بيوت الرعاية الأسرية طواعية فلا يسمح لأحد من المعالجين أو مقدمي الرعاية بأن يطلقوا الأحكام المسبقة عليهم، أو يحاولوا أن يقدموا تفسيرات أو تشخيصات لحالاتهم.
فقط يجرى استضافتهم وتقديم الرعاية لهم، والهدف من ذلك هو عدم تكرار الرسالة الصعبة التي يعانون منها، وهي أنهم أشخاصًا فقدوا أنفسهم.
وتستند منظمة الرعاية الأسرية في برنامجها العلاجي على التأكيد للنزلاء دائمًا أنهم أشخاصًا مرحب بوجودهم، فجميع البشر بحاجة إلى أن يعيشوا داخل مجموعات تحتضنهم.
ومعنى أن يشعر المريض بأنه جزء من كيان أو مجموعة، يجعله أكثر قدرة على عرض مشكلته، والبحث عن الطريقة الأنسب والأسلم للتخلص منها.
تم التحديث في 31 مايو، 2023 بواسطة دار الشفاء للطب النفسي وعلاج الادمان