ادمان زاناكس تحول إلى أزمة بعد خروج زاناكس كعقار طبي إلى النور عام 1983 من أجل علاج اضطرابات الخوف المرضي، حيث ينتمي هذا الدواء إلى عائلة البنزوديازيبين.
ويعمل الزاناكس من خلال مستقبلات المخ ليؤثر على الجهاز العصبي المركزي، فيسبب الشعور بالراحة والاسترخاء لاحتوائه على مادة البروزالام.
ويمكن لهذا العقار الطبي أن يسبب الإدمان إذا تم تعاطيه لفترات تتراوح بين 4 إلى 6 أسابيع، بمعدل ملي جرام واحد فقط يوميًا.
ويبدأ تأثير العقار الذي يتوفر بالأسواق على شكل أقراص بعد نحو نصف ساعة من تناوله، ويعطي تأثيره الأقوى خلال ساعتين ونصف إلى ثلاث ساعات، ويستمر مفعوله لما بين 6 إلى 7 ساعات.
التسويق الجيد لعقار زاناكس
من خلال أحد الأطباء النفسيين المشهورين اتخذت الشركة الأمريكية المنتجة لعقار زاناكس منحنى تسويقي جديد له، بعدما أقنع هذا الطبيب إدارة الشركة بعد طرح العقار بالأسواق بضرورة أن يتم التمييز بين اضطرابات الخوف والقلق والهلع.
حيث أن لكل اضطراب درجات وأعراض وأسباب تختلف حتى في الاضطراب الواحد نفسه، كما أن إدخال اضطرابات القلق والهلع ضمن الأعراض التي يعالجها هذا الدواء سيضاعف بلا شك من حجم المُباع منه عدة مرات، خصوصًا وأن اضطرابات الخوف حتى عام 1984 لم تكن منتشرة على نحو كبير.
ومن خلال الدراسات والفحص المعملي وإجراء التجارب أثبت عقار زاناكس فعالية وتأثيرًا كبيرًا على علاج مختلف الاضطرابات المتصلة بالرهاب والفوبيا والقلق الاجتماعي.
وبذلك حققت الشركة المنتجة أرباحًا خيالية نتيجة لبيع العقار لعلاج أعراض متعددة، كما حقق العقار نفسه شهرة كبيرة وانتشارًا واسعًا.
الإدمان على زاناكس
بعد نحو أقل من عام على انتشار الزاناكس وتحقيق نتائجه لصدى طبي وعلاجي كبيرين، ثبت من خلال الفحص الطبية التي خضع لها عدد ممن كانوا يعالجون بواسطته أنه عقار يسبب الإدمان.
وأن التوقف عنه يُنتج آثارًا انسحابية حادة وخطيرة، تتمثل في تكرار نوبات الهلع والتي من الممكن أن تتطور إلى الهلع المرضي المؤدي إلى الإصابة بمرض الذهان.
كما أثبت الفحص أن المرضى وبعدما تعدت فترات تناولهم للعقار لمدد تتراوح ما بين 8 إلى 10 أسابيع أصبحوا في حاجة شديدة لأن يرفعوا من كمية الجرعات الدوائية من أجل أن يصلوا لمدى العلاج الذي يتناسب مع حالاتهم المرضية.
وعقار زاناكس شأنه شأن جميع الأدوية والعقاقير التي تنتمي لمجموعة البنزوديازيبين حيث يدخل إلى المخ عن طريق المستقبلات المعروفة باسم مستقبلات البنزوديازيبين.
ومنها تنتشر المواد الفعالة في الخلايا العصبية ويحدث الأثر في الجهاز العصبي المركزي، لينتج بعد ذلك الأثر العلاجي للدواء والذي يتمثل في هدوء الحالة العصبية للشخص المريض.
ويعتبر الاستخدام المستمر للزاناكس من الأمور التي تعمل على إحداث بعض التغيرات بمستقبلات البنزوديازيبين، حيث تصبح أقل استجابة للمحفزات الخارجية.
كما تعتبر الفعالية القوية للدواء وتأثيره المباشر على الجهاز العصبي المركزي من ضمن المسببات التي تجعل من عودة الاضطرابات المرضية أمرًا سريعًا إذا جرى التوقف عن تناول الدواء بشكل مفاجئ.
فهذه الاضطرابات لا تلبث أن تظهر مجددًا فيما من الممكن أن تختلف حدتها ودرجتها عن ذي قبل، ويرجع ذلك إلى احتمالية أن حدوث تأثير ارتدادي للمواد الفعالة الموجودة بالعقار على الجهاز العصبي قد يقع بعد فقد الجسم لهذه المواد.
ولا شك أن فرص ظهور أعراض الانسحاب الجسدية والنفسية تكون أكثر حدية عند المرضى أو المدمنين من غير المرضى الذين يتناولون هذا العقار بجرعات كبيرة.
خاصة إذا كان التوقف عن تناول الدواء قد حدث فجأة، وسبب ذلك أن المخ والجسد لا تترك لهم الفرص الزمنية الكافية للتكيف مع الحالة الجديدة التي تقل فيها معدلات البنزوديازيبين.
أعراض التوقف عن تعاطي زاناكس
هناك الكثير من الأعراض التي قد تصاحب الحالات التي يتوقف أصحابها عن تعاطي الزاناكس دون الحصول على استشارة طبية متخصصة في هذا الأمر.
ومن بين تلك الأعراض اضطراب ضربات القلب، نوبات الخوف الشديد، اضطرابات النوم، فقدان الرغبة في تناول الطعام، وقد تتطور هذه الأعراض إلى التشنجات العصبية، القيء المستمر، الإسهال الشديد، تراجع قدرات الذاكرة، تقلبات المزاج الحادة والانفعالية الزائدة، وفي بعض الحالات المتأخرة الهلوسة، والإصابة بمرض الحمى.
وبالنسبة لمدمني العقار أو المرضى الذين اعتادوا على تناول الجرعات الكبيرة من الزاناكس وبصورة يومية، فهؤلاء يكونون أكثر تعرضًا ومعاناة مع الأعراض الانسحابية.
حيث يصابون ببعض الاضطرابات النفسية الحادة، ويصبحون أكثر قابلية للانتحار، بجانب أصابتهم باضطرابات الأرق المرضي والفُصام العقلي.
وقد تزداد الأمور سوءًا ويصابون بنوبات الصرع المفاجئة، ولذلك يحرص الأطباء المعالجون لمثل تلك الحالات على أن يعتمدوا على أسلوب التخفيض التدريجي للجرعات.
بحيث لا يتوقف المريض أو المدمن عن تناول هذا العقار بطريقة مفاجئة، وذلك من أجل تجنيبه الأعراض والأخطار السابق ذكرها.
كيف يعمل هذا الدواء؟
يصنف عقار الزاناكس ضمن أدوية البنزوديازيبين شديدة الفعالية، وهو يعمل على المستقبلات الأكثر تثبيطًا والموجودة بالمخ، وينتج عن ذلك آثارًا مثبطة ومهدئة للجهاز العصبي تنتقل إلى الإشارات العصبية كلها.
ويعتبر الزاناكس من ضمن العقاقير التي لا تتفاعل مع الغذاء بسهولة، وبالتالي يظل موجودًا داخل الجسم لفترات طويلة.
ومع التناول المستمر والجرعات الكبيرة يتراكم أكثر، ويؤدي ذلك إلى تسكين الآلام بطريقة زائدة عن معدلات الاحتمال الطبيعية، هو ما يتضح في صور الأعراض الجسدية عند التوقف عن تناوله.
لمن يوصف الزاناكس؟
يصف الأطباء عقار الزاناكس كعلاج لمرضى القلق والرهاب الاجتماعي والخوف المرضي، وفي الغالب يكون هذا الوصف الطبي قد سبقه فحص شامل لحالة المريض النفسية.
حيث يفضل عدد من الأطباء أن يتم وصف هذا النوع من العلاجات ذات الطبيعة العلاجية النفسية تحديدًا لتأثيره السريع والمباشر ونتائجه الايجابية، وذلك بغرض التقليل من الآلام التي تسببها الأعراض المرضية السابق ذكرها.
وفي الغالب لا يوصي الأطباء بتكرار هذا الدواء، حيث يتم وصفه فقط لفترات لا تتعدى الشهرين على أقصى تقدير، وذلك حتى لا يتسبب في حدوث الاعتمادية الجسدية والنفسية (الإدمان).
كما تصبح الجرعات الدوائية بعد هذه الفترة قليلة الفعالية، وبالتالي يصبح المرضى في حاجة إلى جرعات أكبر من الدواء.
ولا يوصف هذا العقار لمن لديهم حساسية من أدوية البنزوديازيين أو لمن يعانون من أمراض الجهاز التنفسي، وكذلك المصابون بمشكلات في العضلات.
كما يحذر منه من يتعاطون الخمور والمواد المخدرة الأخرى كالقنبيات والأفيونيات، حيث يؤدي الدواء لتأثير عكسي عليهم.
زاناكس خارج الوصفات الطبية
مع مطلع القرن الحالي زاد الأقبال على تناول عقار زاناكس وتعاطيه بعيدًا عن الوصفات الطبية، ويرجع ذلك للتأثير الطبي للعقار على الحالة النفسية.
حيث يسبب شعورًا بالراحة والسعادة، باعتباره أحد الأدوية المثبطة للجهاز العصبي، كما يعطي العقار شعورًا فريدًا بالاحتمال الجسدي نتيجة تأثيره على الإشارات العصبية الناقلة للألم.
ودفع ذلك الأمر العديد من الحكومات العربية إلى إدراج هذا العقار ضمن الأدوية التي يحظر تداولها خارج النطاق الطبي الرسمي، ومن أبرز تلك الدول المملكة العربية السعودية ومصر ودولة لبنان.
والشيء الملفت للانتباه أن ذلك العقار يزيد إدمانه لدى فئات المدمنين الذين يصنفون كمدمنين متنوعين، وهؤلاء في الغالب لا يتعاطون نوعًا واحدًا أو حتى أثنين من العقاقير المخدرة.
بل يقومون بتعاطي عدة أنواع وخلال جلسة التعاطي الواحدة، حيث وجد من يتعاطون الزاناكس مع الحشيش، ووجد كذلك من يتعاطونه مع الكحوليات، وأيضًا وجد من يتعاطونه مع بعض أنواع الحبوب المخدرة الأخرى وأبرزها الترامادول.
والأخطر من ذلك كله أنه تم رصد بعض الحالات التي تقوم بطحن أقراص الزاناكس وحقنها بالوريد بعد خلطها بالماء أو الليمون، وفي بعض الأحيان الكحوليات.
اضرار ادمان زاناكس
يسبب الإدمان الطويل لعقار الزاناكس الإصابة بفقدان الذاكرة وحالات الهلوسة السمعية والبصرية والخيالات، كما يسبب الطفح الجلدي وانخفاض الرغبة الجنسية وفقدان التركيز وضعف حدية الإبصار واضطرابات الجهاز الهضمي، ومن الممكن أن يسبب بعض الأمراض الأخرى.
ويعتبر تعاطي الحوامل لهذا العقار سواء بغرض طبي أو لأغراض أخرى من الأمور التي تكون لها تبعات خطيرة على الأجنة.
ففي الغالب يصابون بعد ولادتهم بأعراض الانسحاب، كما من الممكن أن يسبب لهم بعض المشكلات الصحية في الجهاز التنفسي.
إلى جانب أنه قد ينتقل إليهم عبر لبن الأم أثناء الرضاعة مما ينتج عنه أصابتهم بنقص في الوزن والكسل والخمول.
الجرعات المرتفعة من زاناكس قاتلة
بحسب الدراسات التي أجريت على عقار زاناكس فإنه يعتبر من الأدوية التي تؤدي للوفاة بمعدل 8 أضعاف عند مقارنته مع بالأدوية المنومة والمسكنات الأخرى، وتزيد أخطاره كلما ارتفعت الجرعات.
والجرعات المرتفعة من هذا العقار في الغالب تؤدي إلى إصابة الجهاز العصبي ومستقبلات البنزوديازيبين في المخ بنوبات تشبه تلك التي يسببها الاكتئاب الحاد.
وقد يسبب ذلك احتمالية الإصابة بنوبات النوم المفاجئة وانخفاض ضغط الدم واختلال وظائف الجسم الحركية، بالإضافة إلى بطء رد الفعل، وزيادة احتمالات الدخول في غيبوبة والإصابة بأمراض الجهاز التنفسي، وأبرزها مضاعفات ضعف التنفس.
وفي حالات تعاطي هذا العقار بجرعات كبيرة مع المخدرات كالكوكايين والهيروين، وحتى الكحوليات، فقد يؤدي إلى الوفاة، نتيجة تسمم الجسم بتفاعل الزاناكس والمخدر الآخر.
علاج ادمان زاناكس
في الحالات التي يتطوع فيها المريض للعلاج ويطلبه من تلقاء نفسه رغبة في التخلص من الإدمان، يلجأ الأطباء إلى تخفيض جرعات الزاناكس بالتدريج حتى لا تؤدي الأعراض الانسحابية إلى ظهور اضطرابات نفسية أو جسدية على الشخص الخاضع للعلاج.
فيما يضطر الأطباء عند تعاملهم مع بعض الحالات الأخرى وخصوصًا تلك التي تكون مصابة بمشكلات صحية في الجهاز التنفسي إلى المنع الفوري لتناول هذا العقار حتى لا يؤدي إلى مضاعفات، مع وصفهم لأدوية أخرى للمرضى تساعدهم على التنفس بشكل أفضل.
وللزاناكس كعقار طبي بعض الارتدادات التي يسببها عندما يتناقص تأثيره داخل الجسم، حيث يسبب بعض الاضطرابات كالأرق والعصبية والشديدة والقلق، ولذلك فقد توصف للمرضى بعض مضادات الأرق والقلق الأخرى خلال الأسبوع الأول من العلاج.
وبالنسبة للحالات صاحبة الإدمان الشديد على العقار يلجأ الأطباء إلى سحب السموم التي خلفها بالجسم، عن طريق جلسات (ديتوكس) والتي تستمر لنحو 3 أيام.
وسريعًا ما تتراجع الأعراض الجسدية للزاناكس بعد جلسات سحب السموم، فيما يظل الشخص المريض في حاجة شديدة للعلاج من الآثار النفسية لتعاطي المخدرات، خصوصًا إذا كان هذا العقار يتم تعاطيه مع بعض أنواع المخدرات الأخرى.
وباعتباره من العقاقير الدوائية المصنعة في الأساس لعلاج بعض الاضطرابات ذات الطابع النفسي، فمن المؤكد أن الإقلاع عنه قد يسبب للشخص المتعافي بعض المشكلات النفسية التي قد تستمر معه بعد العلاج لفترات كالاكتئاب مثلًا.
ولذلك فقد يرى الأطباء المعالجون أن يصفوا لمن تصيبهم تلك الأعراض بعض الأدوية المضادة للاكتئاب لبعض الفترات، وفي الغالب فإن هذه الفترات لا تتعدى العام الواحد على أقصى تقدير.
تم التحديث في 1 سبتمبر، 2023 بواسطة دار الشفاء للطب النفسي وعلاج الادمان