إذا كنت ممن يجدون صعوبة في انتزاع السماعات من أذنيهم أو تشعر بعد إكتمال إلا عند سماعك للأغاني، فيمكننا القول بأنك ممن يعانون من ادمان سماع الأغاني.
الإدمان على سماع الأغاني يهدر الوقت
في الآونة الأخيرة ظهرت بعض العادات السيئة التي يجهل بعض الناس تأثيرها السلبي على حياتهم، ومن أبرز هذه العادات هي عادة سماع الأغاني.
وتعتبر هذه من العادة من العادات التي يبتلى بها المرء ومع الوقت تؤثر عليه فيضيع وقته وتشغل فكره في غير فائدة، فهناك من أصبح مدمناً عليها في كل مسيرة حياته من أكل ودراسة ونوم وسفره وعمله.
وسنتناول في هذا المقال بعض النصائح للتغلب على أضرار الإدمان على سماع الأغاني الذي يقودك إلى حياة سعيدة بدون الحاجة إلى سماع الاغاني.
وقبل أن نبدأ هذا المقال المميز نحب أن نذكركم أن الإدمان يطلق على أي شئ يجعل المرء ينسى كل شئ ويضحي بكل شيء في مقابل عدم الاستغناء عما يدمنه.
ويعتبر الإدمان على سماع الأغاني من أكثر أنواع الإدمان الشائعة التي قد يغفل عنها البعض وعن أضرارها.
حيث أن الأغاني من الأشياء المحببة لدى البعض فهي تدخل السرور والبهجة إلى القلب ببعض كلماتها المعبرة فمنها من يعبر عن النشاط وتعطي الأمل وتعبر عن الحب، ومنها من يعبر عما بداخل القلب من مشاعر كالفراق والألم والخيانة.
وإذا كنت عزيزي القارئ ممن يسمع الأغاني دوماً، فمن الطبيعي أن توصف بمحب الأغاني، ولكن إذا كنت ممن يجدون صعوبة في انتزاع السماعات من أذنيهم أو تشعر بعدم اكتمال إلا عند سماعك للأغاني، فيمكننا القول بأنه إدمان.
حيث صار قلبك مفتون بسماع الدندنة والأصوات الجميلة والكلمات العاشقة التي تلمس القلب، فتصبح حافظاً لكثير من الكلمات ولديك شغف لمعرفة أخبار وأحوال المغنين.
مما قد يصل الأمر إلى تخصيصك لأوقات قد تصل إلى ثلاث ساعات وأكثر لسماع الأغاني، ولا تستطيع أن يمر عليك يوم وأنت لم تسمعها.
وعندما تفكر عزيزي القارئ بينك وبين نفسك في الوقت الذي تهدره في المواظبة على هذه العادة، ستجد أن هذه العادة تأخذ وقتاً كبيراً وحيزاً واسعاً من حياتك يمكن استبدالها بشيء أكثر فائدة منها.
فإذا كنت تفكر في ترك هذه العادة والابتعاد عنها فيجب أن تدرك مدى ضرر هذه العادة والخطر الذي يكمن ورائها، ثم تتبع بعض النصائح للابتعاد عنها والتخلص منها.
أضرار الإدمان على سماع الأغاني
- ينبت في القلب النفاق: فقد ورد عن الصحابيّ الجليل عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- أنه قال: (الغناءُ يُنبِتُ النِّفاقَ في القلبِ كما ينبِتُ الماءُ البقل)، فالقلب عندما يتعلق بالغناء يتوهم بأنه دوماً من المظلومين، ويفقد البصيرة، ويصبح غير قادر على التمييز بين الحق والباطل، ويصبح مع الوقت يقف مع الباطل.
- الشعور باضطراب نفسي: ويولد لدى المرء القلق والاكتئاب وعدم راحة البال وعذاب النفس، فيقول الله عز وجل: (وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا…)، وكثير ممن كانوا مدمنين على سماع الأغاني عند تركهم للأغاني شعروا براحةٍ نفسية، وطمأنينة، وراحة البال، وصلاح الحال.
- البعد عن قراءة القرآن الكريم: إن الإدمان على سماع الأغاني يبعد القلب عن الاستماع إلى القرآن الكريم أو الإنصات له وتدبر معانيه أو التلذذ به، لأن ما يأمر به القرآن الكريم عكس ما تحتويه الأغاني من حب للذات، فقد قال ابن القيم رحمه الله: (إنّك لا تجدُ أحداً عُنِي بالغناء وسماع آلاته، إلّا وفيه ضلال عن طريق الهُدى، عِلماً وعملاً، وفيه رغبة عن استماع القرآن إلى استماع الغناء، بحيث إذا عرض له سماع الغناء وسماع القرآن عدَلَ عن هذا إلى ذاك، وثقُل عليه سماع القرآن، وربّما حمله الحال على أن يُسكِت القارئ ويستطيل قراءَته، وستزيد المغنى ويستقصِر نوبته، وأقلّ ما في هذا: أن يناله نصيب وافر من هذا الذمّ، إن لم يحظَ به جميعه، والكلام في هذا مع من في قلبه بعض حياة يُحسّ بها، فأمّا من مات قلبه وعظُمت فتنته، فقد سدّ على نفسه طريق النّصيحة).
- التقرب من الشهوات: إدمان الأغاني يجعل السامع عبداً لشهواته، وتفتح له باب المعصية والإغراء وباب العلاقات المحرمة وتزينها له، وتحرك مشاعر السامع إلى الهيام والفجور والعشق، وتجعله قريب من الزنا، وكما يقول بن عياض ( الغناء رقية الزنا).
- عدم المواظبة على أداء الفروض والسنن: فيغفل الإنسان عن أداء الفروض في أوقاتها، ويضيع السنن، ويتكاسل في التنافس في الخير، ويجعل المرء جريئاً في ارتكاب الفحشاء والمنكرات، وقال تعالى: (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا ۚ أُولَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ*وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّىٰ مُسْتَكْبِرًا كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا ۖ فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ).
نصائح للتخلص من الإدمان على سماع الأغاني
اتبع العادات التي تدفعك للاستماع إلى الأغاني
- اكتب هدفك في ورقة: إذا كنت جاد للتخلص من الإدمان على سماع الأغاني فعليك بالتفكير جيداً وكتابة ورقة بالهدف الذي تود الوصول إليه مع كتابة الأسباب التي تدفعك لهذه العادة.
- اعرف نوع الأغاني التي تحبها: يعتبر هذا من أهم الأسباب التي تعرفك على سبب إدمانك للأغاني، فكل ما عليك هو معرفة نوع الأغاني التي تجذبك بشدة ولا تستطيع تخيل حياتك من دونها، فربما تجد صعوبة في تكوين علاقة حب أو صداقة والأغاني تتحدث بدلاً منك، أياً كان السبب فيجب عليك معرفته لإدراك الأسباب التي جعلتك تنجذب لهذا النشاط.
- معرفة عدد الساعات التي تستمع فيها إلى الأغاني يومياً: إن معرفة جميع سلوكياتك أمر في غاية الأهمية للتتبع عادات الإدمان على سماع الأغاني، فكل ما عليك هو آن تراقب نفسك وتكتب متى بدأت الاستماع للأغاني ومتى توقفت يومياً قبل الذهاب إلى النوم، ثم اجمع عدد الساعات الكلي على مدار اليوم، واستمع للموسيقى كما تفعل دوماً، لتكون أكثر دقة وإدراكاً بتتبع نمط إستماعك للأغاني على مدار الأيام، ثم تبدأ بتغيير هذه السلوكيات.
التقليل من استماع الأغاني
- التمرن على الهدف: إن التمرن على الهدف يجعلك أفضل مع الوقت، لذلك حاول التقليل من استماعك للأغاني (نصف ساعة عن اليوم الذي قبله) حتى تصل إلى هدفك، واجعل هدفك في البداية سهلاً في البداية ولا تصعبه على نفسك حتى تصل في النهاية لنتيجة التي تريدها وهي التخلص من الإدمان على سماع الأغاني.
- تخلص من سماعات الأذن: إن الاستيقاظ يومياً والعثور على سماعات الأذن سيغريك، لذا عليك بالتخلص من سماعات الأذن ببيعها.
- البحث عن أشياء مفيدة: مثل التنزه مع الأسرة والأصدقاء أو البحث عن هوايتك المفضلة.
وفي نهاية هذا المقال نود أن نقول لك عزيزي القارئ أنه يجب عليك باتباع هذه النصائح للتخلص من ادمان الأغاني ويجب عليك تذكر الفوائد الصحية إذا شعرت بأنك على وشك الاستسلام.
فسماعات الأذن التي تسمع بها الأغاني تؤثر على سمعك على المدى البعيد، وكذلك الإستماع إلى الأغاني يهدر لك الوقت الذي يجب عليك أن تستغله لبناء مستقبلك.
تم التحديث في 1 أكتوبر، 2023 بواسطة دار الشفاء للطب النفسي وعلاج الادمان
شكراً جزيلا