إن تأهيل الأسرة للتعامل مع خطر الادمان لهو من الأهمية بمكان، حيث تعتبر مرحلة تأهيل المدمن من أخطر مراحل علاج الادمان.
وذلك لأنها المرحلة المكملة لعلاج الادمان والمؤهلة للحياة الجديدة البعيدة عن سلوكيات الإدمان التي قد تكون ارتبطت بالمدمن مدة طويلة من الزمن أثناء الإدمان.
وهذه المرحلة ايضاً تعتبر من العلامات الجيدة على التعافي والشفاء من الإدمان، لذلك تهتم جميع البرامج العلاجية المتعددة بتلك المرحلة.
وتقوم بدمج العديد من الأساليب العلاجية الهامة بالنسبة للمدمن ومن ضمن الأساليب العلاجية الضرورية في تلك المرحلة هي تأهيل الأسرة للتعامل مع خطر الإدمان.
وفي هذا المقال لن نتحدث فقط عن مرحلة تأهيل المدمن وتأهيل الأسرة في تلك المرحلة، من أجل التعامل الصحيح مع المدمن وفقط.
ولكن نتحدث عن عدة جوانب خلال نقاط هذا المقال حول تأهيل الأسرة للتعامل مع خطر الإدمان، وفي جميع المراحل منذ البداية حتى النهاية، وذلك خلال النقاط التالية.
تأهيل الأسرة للتعامل مع خطر الإدمان التوعية هي الأهم
تعد التوعية من العوامل الهامة والجوهرية في تأهيل الأسرة للتعامل مع خطر الإدمان وذلك لأن التوعية تعني الحصيلة المعلوماتية الهامة حول المخدرات وأنواعها وطرق التعاطي وشكل المدمن.
والفرق بين المدمن والمتعاطي و أضرار الإدمان الخطيرة على الجوانب الصحية والنفسية والأسرية وغيرها.
ومن خلال العرض التالي نتحدث عن أهمية التوعية في تأهيل الأسرة، وضرورة هذا العامل من ضمن العوامل التي نتحدث عنها لاحقاً:
معرفة أنواع المخدرات
الكثير من الأسر لا تعرف الأنواع الخطيرة من المخدرات ولا مخاطر تلك المخدرات، وعدم المعرفة بتلك الانواع قد تزيد من جهل الاسرة في طرق التعامل سواء مع المدمن، أو من حيث إكتشاف المدمن، ومظاهر الخطر حولها، وبالتالي عدم توعية الابناء بهذه الأخطار.
لذلك معرفة أنواع المخدرات هي المرحلة الأولى في التوعية وبالتالي التأهيل الصحيح.
معرفة مظاهر الإدمان
وذلك من حيث المظاهر الجسدية أو المعنوية والنفسية للمدمن، وهذه الخطوة هامة للغاية لأنها قد تنقذ الأمر في البداية و تساعد المدمن على الشفاء في مرحلة قريبة من العلاج.
أو انتهاء الادمان بسرعة قبل التوغل في تلك المراحل الادمانية التي تؤدي به إلى الهلاك المحتوم.
لذلك حيث تعتبر معرفة المظاهر الجسدية والمعنوية والنفسية للمدمن وتوقعها في محلها أمر ضروري للغاية ويقع على عاتق الأسرة في النهاية لذلك تعتبر هذه النقطة التوعوية الهامة من ضمن ضرورة تأهيل الأسرة للتعامل مع خطر الإدمان.
التوعية بطريقة التعامل الخاص مع المدمن في جميع المراحل
العديد من مراحل الإدمان تبدأ بعد القرار الخاص بضرورة العلاج، لذلك على الأسرة معرفة التعامل الخاص مع المدمن، وذلك لتخطي مراحل العلاج بسلام.
وينقسم هذا التعامل ما بين اكتشاف المدمن، ثم إقناعه بضرورة العلاج، ثم التعامل معه أثناء العلاج بجميع المراحل.
ثم التعامل معه في المراحل الأخيرة من العلاج وهي المؤهلة للتعافي والشفاء النهائي من المخدرات.
وهذه المرحلة هامة للغاية لدرجة أن البرامج العلاجية المختلفة تقوم على دمج الأسرة من أجل التعامل الصحيح مع المدمن المتعافي في هذه المرحلة وهو ما نخصص له نقطة خاصة.
التوعية بالسلوكيات التربوية الصحيحة
من المعروف أن الوقاية خير من العلاج، وهو ما تحاول برامج علاج الادمان القائمة على التأهيل الخاص من أجل التعافي فعله.
وهي التوعية من أجل إنقاذ الأبناء في البداية لعدم الدخول في مراحل الإدمان، والبعد عن المخدرات والتعاطي.
وهذا يقوم على وجود بعض السلوكيات التربوية الصحيحة والتي يجب تأهيل الأسرة عليها، مثل ضرورة الاحتواء النفسي والعاطفي للأبناء.
هذا إلى جانب سلوكيات تقوية الوازع الأخلاقي والديني للأبناء وتوعيتهم بالمخاطر العامة للمخدرات، ومراقبة سلوكياتهم جيداً وغيرها من السلوكيات التربوية والبعد عن التعنيف والتدليل.
والثبات على مبدأ الثواب والعقاب للأبناء في حال الثواب أو الخطأ وغيرها من هذه الأساليب التربوية، التي تساعد الأسرة على حماية أبنائها من إدمان المخدرات.
أهداف التأهيل النفسي وأهميته للأسرة
قبل الحديث عن البرامج العلاجية المتعددة التي تقوم على تأهيل الأسرة للتعامل مع خطر الإدمان، نلقي الضوء على تعريف التأهيل.
وذلك حتى نفهم أهمية التأهيل، وأهمية دمج الاسرة في البرامج التأهيلية المختلفة، أما عن تعريف التأهيل وأهميته نوضحه من خلال العرض التالي:
التأهيل هو مرحلة تغير في العديد من الصفات والسلوكيات في نفس المدمن، نحو الأفضل، وتمثل من خلال ذلك جوهر الشفاء والتعافي من إدمان المخدرات، وهذا بالنسبة للمدمن.
أما التأهيل الأسري فهو تدريب أفراد الأسرة على بعض السلوكيات الهامة التي تساعد على تأهيل المدمن وتهيئة الأجواء من حوله من أجل الاستعداد للحياة الجديدة البعيدة عن حياة الإدمان ومخاطره ومظاهره.
أما عن الأهداف الخاصة بالتأهيل والتي تبين وتوضح أهميته بالنسبة للفرد والأسرة على السواء، ما نوضحه خلال النقاط التالية:
- الامتناع عن تعاطي المخدرات، والبدء في العلاج ومراحله المتعددة، ثم وضع سلوكيات جديدة من أجل الحياة الجديدة، وتهيئة الأجواء في إطار التعافي وغرس سلوكيات جديدة من أجل عدم العودة إلى إدمان المخدرات مرة أخرى.
- تحقيق الاستقرار النفسي للمدمن، وتدريب الأسرة لتحقيق هذا الاستقرار، حيث تعتبر من مسئوليات الأسرة الرئيسية في محاولة مساعدة المدمن، من أجل الإندماج مرة أخرى في النشاطات الاجتماعية والمجتمع المحيط، وهي جزء من جوهر العلاج النفسي والتأهيل للمدمن والأسرة.
- القضاء على الأسباب الحقيقية للإدمان، والكثير من هذه الأسباب تتعلق بالأسرة، لذلك تأتي البرامج العلاجية و تدمج الأسرة في مراحل العلاج النفسي والتأهيلي، من أجل القضاء على تلك الأسباب وتدريب الأسرة على طرق حل المشكلات، بعيدا عن تلك المشكلات التي قد تدفع أفراد الاسرة أو المدمن المتعافي في العودة مرة أخرى إلى المخدرات.
دور البرامج العلاجية والتأهيلية في الدمج
العديد من البرامج العلاجية والتاهيلية التي تقوم بدمج الأسرة في العلاج النفسي والتأهيلي في المراحل المختلفة.
ونتحدث في تلك النقطة عن مظاهر دمج الأسرة من أجل تأهيلها للتعامل مع خطر الإدمان، ثم الحديث عن أمثلة من البرامج في دمج الأسرة في تلك المرحلة.
أما عن مظاهر تأهيل الأسرة للتعامل مع خطر الإدمان من قبل البرامج العلاجية خاصة في مراحل العلاج النفسي، فهذا نعرضه من خلال النقاط التالية:
التواصل مع الأسرة منذ بداية العلاج
تحرص البرامج العلاجية المختلفة على ضرورة تواصل الأطباء والقائمين على الخطة العلاجية للمدمن، وذلك بالتواصل الخاص مع الأسرة منذ بداية العلاج وفي كل المراحل العلاجية المختلفة.
وذلك لمتابعة الوضع عن كثب، من ناحية، ومن ناحية أخرى، حتى تتأهل الأسرة للخطوات الجديدة التي لابد من فعلها بعد خروج المدمن المتعافي من المصحة والمستشفى العلاجي، وضرورة معرفة الخطوات الصحيحة من أجل التعامل الجيد مع المدمن في تلك الحالة.
تابع من هنا دور الأسرة في علاج الإدمان
العلاج النفسي الفردي، أو الاستشارات الفردية
وهذه المرحلة والتي تعتمد على بعض الاستشارات الفردية بين الطبيب النفسي والمدمن الخاضع للعلاج، ويتم دمج احد أفراد الاسرة لمتابعة تطورات العلاج النفسي.
مع التواصل المستمر بين الطبيب النفسي مع الاسرة، لأن الأسرة لها دور كبير في مرحلة العلاج النفسي في هذه المرحلة.
الجلسات الجماعية
حيث تقوم بعض البرامج العلاجية وتعتمد على الجلسات الجماعية من أجل تأهيل المدمن وعلاجه، وهذه الجلسات تنقسم في بعض البرامج إلى مرحلتين.
المرحلة الأولى هي مرحلة الجلسات العلاجية الجماعية التي تهتم بالمدمنين وتثقيفهم و علاجهم وتأهيلهم، والقسم الثاني تهتم تلك الجلسات على دمج الأسرة في حضور تلك الجلسات من أجل توعيتهم بالمخدرات وأخطارها، وطريقة التعامل الخاص مع المدمن سواء وصوله إلى حالة التعافي أو إنقاذ الابناء من المخدرات، ومعرفة الاسرة التعامل والسلوكيات التربوية الصحيحة التي تعامل المدمن من ناحية أو تنقذ الأبناء في المستقبل في الوقوع في براثن الإدمان وخطورته.
أمثلة على البرامج العلاجية التي تهتم بتأهيل الأسرة
في تلك النقطة نتحدث عن الدور الكبير لبعض البرامج العلاجية في مراحل علاج المختلفة خاصة العلاج النفسي والتأهيل السلوكي ودورها في تأهيل الأسرة للتعامل مع خطر الإدمان، ونعرض في النقاط التالية بعض الأمثلة على تلك البرامج العلاجية:
برنامج العلاج الذاتي لعلاج الادمان
وهو من ضمن البرامج الهامة في علاج الإدمان ويعتمد على فلسفة ومبادئ خاصة بعلاج المدمنين، ومن هذه المبادئ هو الجلسات الجماعية في علاج المدمنين والتي تنقسم إلى عدة إجتماعات ولكل منها هدفها الخاص في العلاج ومن هذه الاجتماعات وأهدافها:
الجلسات المفتوحة
وهي الجلسات العلاجية التي تعتمد على دمج الأسر في هذه الجلسات من أجل التثقيف ومعرفة الخطوات الصحيحة من أجل علاج المدمنين والتعامل معهم على أسس علمية صحيحة.
وذلك بعيدا عن الأخطاء الشائعة التي قد تجلب المزيد من العوائق التي تقف في وجه التعافي التام للمدمن.
وهذه الجلسات تهدف إلى تأهيل الأسرة للتعامل مع خطر الإدمان من خلال:
- دمج الأسرة في البرامج الترفيهية والمجتمعية التي يتفاعل معها المدمنين داخل جلسات العلاج أو خارجها، وذلك بسبب ان الأسرة لها دور كبير في الاحتواء العاطفي والنفسي الذي يحتاج إليه المدمن في تلك الفترة.
- تحديد أهداف للاسرة من أجل تهيئة البيت أو الحياة الجديدة للمدمن من خلال إزالة كل صور الحياة السابقة معنويا ونفسيا وماديا.
الجلسات المغلقة
وهي تلك الجلسات التي لا تهدف إلى دمج الأسرة لكنها مهمة في تكميل دور الاسرة في العلاج، وذلك من خلال الدعم النفسي للمدمنين، وزيادة التفاعل بينهم وإعطائهم المزيد في الخبرة من أجل التعامل مع المخدرات وطرق التعافي منها.
برامج الإرشاد الأسري من أجل التعامل مع المدمنين بعد التعافي
وهي برامج بالأساس تهدف إلى تأهيل الأسرة للتعامل مع خطر الإدمان، وذلك من خلال دمج الأسر في برامج ما بعد التعافي والانتكاسة والعودة إلى المخدرات، وتهدف تلك البرامج إلى بعض الخطوات التي تعتبر الأسرة هي البطل الرئيسي فيها:
- تأهيل الأسرة للتعامل مع خطر الإدمان، من ناحية تدريبهم على السلوكيات وطريقة حل المشكلات وبعد المدمنين عنها، وذلك من أجل القضاء على الأسباب الأسرية التي قد تؤدي إلى العودة مرة اخرى إلى إدمان المخدرات.
- تأهيل الأسرة للتعامل مع خطر الإدمان، من الناحية النفسية من تهيئة الأجواء حول المدمن، وإرشادهم نحو الطريقة الصحيحة في طرق التعامل مع المدمنين خلال فترة العلاج.
- تأهيل الأسرة للتعامل مع خطر الإدمان، في تثقيفهم في طريقة إنقاذ الأبناء منذ البداية من براثن الإدمان، وذلك بمعرفتهم بالمخاطر التي تحوم حولهم، وطرق التربية الصحيحة من أجل حماية الأبناء من الإدمان.
في النهاية توجد العديد من الطرق، والتي تعتمد على تأهيل الأسرة للتعامل مع خطر الإدمان، وذلك في البرامج التي تقدمها جميع المستشفيات والمصحات العلاجية في جميع أنحاء العالم، وذلك لإيمان القائمين على تلك البرامج بتكامل العلاج، وهذا التكامل يكمن بالضرورة في تأهيل الأسرة للتعامل مع خطر الإدمان.
تم التحديث في 25 يونيو، 2023 بواسطة دار الشفاء للطب النفسي وعلاج الادمان