إدمان عمليات التجميل والبحث عن الأنف الجميل والشفاه الممتلئة انتشر بعد ظهور السيلفي ومع تطور التكنولوجيا خلال العشرة سنوات الأخيرة، وخاصة مع ظهور تطبيقات التواصل الاجتماعي مثل السناب شات وريتريكا وغيرها من البرامج وخواص تصفية الصورة (الفلاتر).
والذي أدى إلى هوس في المجتمع وخاصةً المراهقين والشباب، حيث أنهم أُصيبوا بـ اضطراب (الديسمورفوبيا)، والمعروف بأنه عدم إعجاب الشخص بنفسه.
والذي تسبب في لجوء الكثير من النساء والمراهقين إلى خوض العديد من العمليات التجميلية رغبةً في الوصول إلى الكمال، مما أدى إلي إصابتهم بإدمان عمليات التجميل.
ولذلك سنتناول في هذا المقال كافة المعلومات عن إدمان عمليات التجميل وعلاقته بتكنولوجيا اليوم.
هل يمكن أن يتحول التجميل إلى إدمان؟
وقبل أن نبدأ هذا المقال الهام يستوفى عليك عزيزي القارئ أن تعلم أن الإدمان كلمة تطلق على أي شئ يجعل الإنسان ينسى كل شئ يتعلق بحياته ومسئولياته ويصبح مُتعلق بأشياء غير قادر على الاستغناء عنها وكما تجعله يضحي بكل شئ من أجل ما يدمنه.
ولذلك يعتبر إدمان عمليات التجميل من أحد أنواع الإدمان، والتي أصبحت شائعة ويغفل عنها الكثير من الناس وعن مدى خطورتها إذا أجريت بإستمرار على مدار العمر.
وفي الواقع كانت عمليات التجميل في السنوات السابقة محصورة على طبقة إجتماعية وحيدة ممن هم ميسورين، إلا أنه بعد دخول التكنولوجيا منازل الكثير من عموم الناس.
حتى أصبح العديد من الناس يميلون إلى تغيير مظهرهم، حيث أنه لم تعد عمليات التجميل ضرورة تلجأ إليها المرأة لحل مشكلة تجميلية.
ولقد استطاعت التكنولوجيا بدورها اليوم أن تشكل هوسا حقيقيا لدى الكثير من النساء والرجال والمراهقين ممن هم يستخدمون خواص تصفية الصور ويشاهدون صوراً للنجمات على برنامج الإنستغرام حيث أنهم وجدوا في هذه الصور عدم إرضاء على مظهرهم الفطري.
فالكثير من المراهقات يبحثون عن الجمال مثل عارضات الأزياء الذين يشاهدونهم بالتلفاز أو يقومون بعرض صورهم على حسابهم بالإنستقرام أو فيسبوك، أو لتقليد نجمات هوليود وغيرهن من النجمات المفضلات لديهم.
فالبحث عن الأنف الجميل والشفاه الممتلئة والقوام المثالي والوجه الذي يتمتع بالحيوية والبريق الخالي من التجاعيد، هو الهدف الذي يرغبن به الكثير ممن يعانون من إدمان على عمليات التجميل، حتى إنهم لا يجدون حرجا في إنفاق آلاف الجنيهات من أجل الحصول في النهاية على (نيولوك).
علامات المدمن على عمليات التجميل
وتشير بعض الأبحاث أن من يعانون من إدمان عمليات التجميل أنهم من المُعانين من إحدى حالات الاضطرابات النفسية لـ (الوسواس القهري).
وهي الحالة النفسية المعروفة باضطراب “توهم أن شكل الجسم غير سوي” Body dysmorphic disorder.
علاقة اضطراب (الديسمورفوبيا) بإدمان عمليات التجميل
وعلاقة اضطراب الديسمورفوبيا بإدمان عمليات التجميل قوية، حيث يعتبر هذا الإدمان ناتج عن اضطراب الديسمورفوبيا.
لما يتميز هذا الاضطراب بتوهم المصاب بوجود خلل وهمي أو حقيقي في مظهره الخارجي، كما أنه يصبح لدى المصابين بهذا الاضطراب نظرة مشوهة ومبالغ فيها حول ما يبدو عليه شكلهم.
وأظهرت الأبحاث أنه مع الوقت يصبح لدي مصابي هذا الاضطراب هواجس وقلق مبالغ فيه يصل إلى حد الوسوسة حول شكلهم الخارجي مثل أدق التفاصيل التي توجد في وجوههم وبشرتهم.
لأنهم يشعرون أنهم قبيحين ومشوهين، وحتى لو تمت طمأنتهم حقيقة ومن دون أي مجاملة بأن صورهم وأشكالهم جميلة ولا يوجد بها هذه العيوب التي يرونها، إلا أنهم يظلون على اعتقادهم ذلك.
علاج مدمني عمليات التجميل
يكون علاجهم الطبي أبعد ما يكون عن الانسياق وراء الاستجابة لرغباتهم في تغيير أشكالهم وصورهم عبر العمليات التجميلية.
لأنها لن تُبدى بأي نتيجة في إزالة هذه الوسواس من دماغهم، بل قد تزيد الأمر سوءاً ويغرقون في إجراء الكثير من العمليات، خاصة عند تلقي استحسان وإعجاب من الغير بما تم تغييره بعد العملية.
ولقد أفادت بعض الأبحاث والدراسات التي أقمها الكثير من الأطباء والعلماء ونشرها موقع “ديلي ميل” البريطاني، بأن السيلفي قد تحفز الناس إلي اللجوء إلى عمليات التجميل بشكل كبير جداً، خصوصاً عمليات الأنف والشفايف والعيون، للتخلص من أي شكل لا يعجبهم عند التقاط الصور.
وأوضح الباحثون أن السبب وراء عدم إرضاء بعض الناس عن صورتهم وشكلهم الفطري مما أدى إلى أصابتهم بإدمان عمليات التجميل هو يرجع إلى المسافة القصيرة بين الوجه والكاميرا الذي يجعل حجم الأنف يبدو أكبر بـ30 في المائة من حجمه الطبيعي.
وأشار أطباء التجميل أيضاً إلى أن 42 في المائة من الأشخاص الذين يأتون إليهم بحثاً عن عملية تجميل تحسن شكل أنفهم يفعلون ذلك لتحسين شكلهم أثناء التقاط الصور ليعرضونها في مواقع التواصل الاجتماعي وخاصةً فيسبوك وانستغرام.
وقال الدكتور بوريس باسكوفر المشارك في بحث إدمان عمليات التجميل، أن هذه النتائج ليست مفاجئة، وذلك لأن السيلفي تغير شكل الوجه إلى حد كبير، وربما هناك الكثير من الأشخاص الذين قد لا يعجبهم هذا التغيير.
وأضاف أنه عندما يأتي إليه مريض بهدف تغيير شكل أنفه أو أي منطقة في وجهه بسبب عدم إرضاءه بصورته السيلفي، أنه ينصحه بالنظر في الأمر مرة أخرى، إلا أن معظم المرضى لا يستجيبون، لأن الجزء الأكبر من حياتهم اليومية أصبح إلكترونياً.
وقد يكون السعي وراء الوصول إلى الكمال أمراً مرهقاً ، إلا أن عمليّات التجميل اليوم جعلت الأمر أكثر سهولة ويسر، حيث أنها أصبحت واحدة من أكثر العمليات رواجاً بين النساء والرجال أيضاً.
ومع تطور تقنيّات الطب والجراحة أصبح الطريق ممهّداً للحصول على قوام مثالي وأنف صغير وشعر كثيف أو بشرة أكثر شباباً، وبالرغم من ذلك تظل عمليّات التجميل كغيرها من العمليّات الأخرى تحمل بعض المخاطر.
أضرار إدمان عمليّات التجميل
- الشعور بالألم المُصاحب لعمليّات الحقن أو الذي يتبع الجراحة من كثرة عمليات التجميل والذي قد يستمر لفترة طويلة المدى.
- قد ينتج عن العملية نتائج محبطة ومخيبة للتوقعات ولا ترضي تصور المريض، بالإضافة لظهور بعض آثار العملية، أو قد لا تختفى آثار العملية الجراحية تماماً، كما قد يتزايد الأمر وتُسبب الجراحة بعض التشوهات المؤقتة أو الدائمة.
- إهدار الكثير من الأموال فبعض العمليّات التجميلية مثل حقن البوتوكس والفيلر وغيرها، تحتاج لتكرارها مرة أخرى على فترات للحصول على النتائج المرجوة.
- أشارت الأبحاث الحديثة إلى أن بعض الأشخاص قد يعانون بعد إجرائهم للعديد من عمليات التجميل من نوبات من الاكتئاب والغضب وخيبة الأمل، وهنا يحتاج الأمر لاستشارة نفسية.
وفي نهاية هذا المقال الهام يستوفي عليك عزيزي القارئ إذا كنت ممن يعاني من إدمان عمليات التجميل أو تود أن تجري عملية تجميل بسبب السيلفي أن تعلم أن عمليات التجميل مثلها كمثل أي عمليّة جراحيّة طبيّة قد تُسبب بعض المخاطر المحتملة.
والتي تتراوح من المخاطر البسيطة إلى المعقّدة، وقد يصل الأمر إلى الوفاة أو الإصابة بمضاعفات مستديمة، وعليك أيضاً آن تعلم إنفاق العديد من الأموال وراء أوهام وهواجس لن تفي بالغرض فكثرة عمليات التجميل لن تعطيك الثقة بالنفس، وأنك ستستعيد ثقتك بنفسك عند إرضائك بجمالك الفطري الذي أبدعه الله سبحانه وتعالى.
تم التحديث في 31 أغسطس، 2023 بواسطة دار الشفاء للطب النفسي وعلاج الادمان