إن الإدمان على القمار أحد أخطر الأنواع الإدمانية السلوكية التي توجد على الساحة اليوم، فما هي القصة إذن؟
إن الإدمان السلوكي من أنواع الإدمان التي لا تقل خطورة عن الإدمان على المخدرات.
هذا يتعلق بتغييرات شديدة في كيمياء المخ وبالتالي في السلوك المنظم للحياة بحيث يدمن الشخص بعض الأمور والسلوكيات الخطيرة للغاية والتي تستوجب العلاج ومن هذه السلوكيات الإدمان على القمار.
نتناول في هذا المقال علاج إدمان القمار بعد الحديث تفصيلياً عن الإدمان السلوكي وخطورته على مخ الإنسان وبالتالي تغيير سلوكياته، وكيف يمكن علاج هذا الإدمان السلوكي من خلال البرامج العلاجية والطرق الدوائية والنفسية وغيرها التي تعتمد عليها تلك البرامج في معظم المستشفيات والمصحات العلاجية.
الإدمان السلوكي .. كيف يمكن أن تتغير كيمياء المخ بسهولة؟!
اصبح لفظ الإدمان عند سماعه تخيّل الإدمان على الكحوليات والخمور والهيروين والكوكايين وغيرها من المخدرات والأدوية المخدرة.
لكن مهلاً، إن الإدمان السلوكي يعتبر من أخطر الأنواع لأنه يتعلق بالسلوكيات اليومية التي تتغير بسرعة إلى الأسوأ لكن كيف يتم هذا التغيير سريعاً؟
الدماغ البشري هو الطرف القوي في الإدمان، فبحسب الدراسات المتعددة يعد الدماغ البشري من العوامل الدافعة للإدمان، وذلك من خلال نظام المكافأة الموجود في الأساس داخل خلايا المخ، والذي يعتمد على الدوبامين الذي يساعد المخ على الاستجابة أكثر تجاه الأشياء التي يفعلها الشخص.
إن الدوبامين أو نظام المكافأة هو السبب الرئيسي في الإدمان، إن بعض الاشياء تزيد من إفرازه وبالتالي إغراق خلايا المخ بالدوبامين بسبب فعل بعض الأشياء مثل الأفعال اليومية مثل الطعام المفضل والشراب والعملية الجنسية وممارسة الرياضة والتواصل الاجتماعي مع الغير وغيرها.
وعند وصول الدوبامين لمستويات قياسية يحدث الإدمان لأنه يعتاد الراحة والنشوة واللذة التي يشعر بها الإنسان ومن هنا تكمن الخطورة.
إن المخدرات والمؤثرات الخارجية حتى ولو كانت سلوكية مثل الرهان على الأشياء والجنس وممارسة العادات الذميمة ومشاهدة المقاطع الإباحية أو حتى العادات التي نراها نحن عادية مثل التسويق أو لعب الفيديو جيم وغيرها من الأمور التي تزيد مستويات الدوبامين وبالتالي نظام المكافأة وهنا يأتي سر الإدمان السلوكي الذي يعتبر علاجه في بعض الأحيان أصعب من العلاج على المخدرات.
الإدمان على القمار وورق اللعب من أنواع الإدمان السلوكي
هذا النوع من الإدمان السلوكي يرتبط بنظام المكافأة الذي يزيد من الدوبامين في المخ بعد الرهان والمقامرة على الأشياء إما لربح وجني الأموال بسهولة أو من خلال الاستيلاء على أهم الأشياء الأخرى والرهان عليها.
وقد يظن البعض أن عمليات الرهان والقمار لا توجد إلى في المجتمع الأمريكي والأوروبي وهي مجتمعات تسمع بلعب القمار وهناك مراكز معدة لذلك، بل إن هناك مدن كاملة تشتهر بمراكز القمار، مما يعني سهولة اللعب والانخراط في تلك العمليات والوصول للإدمان بسهولة.
إلا أن المجتمع العربي يعاني أيضاً من بعض المدمنين على القمار، صحيح أن النسبة قليلة نوعاً ما إلا أنها موجودة، بل يتعدى الأمر لعب الورق وإدمان إلى عملية الرهان نفسها وإدمان هذا السلوك.
كيف يتضرر المخ من إدمان القمار
من أضرار إدمان القمار على المخ هو تغيير البنية الكيميائية في المخ، بحيث تزيد مستويات الدوبامين، وكلما تغير السلوك إلى الأسوأ يتطلب المزيد منه حتى يتم الشعور بالنشوة واللذة وهذا يتمثل في جميع الادمانات السلوكية الأخرى.
وهناك عدة نتائج وخيمة على السلوك اليومي والمعرفي على المدى القصير والبعيد فما هي تلك النتائج؟
- يؤدي إدمان القمار لبعض السلوكيات الخاطئة وغير المعقولة بسبب تغييرات المخ الذي لا يهمه إلا زيادة الدوبامين حتى لو كان على حساب تغيير السلوكيات اليومية تبعاً لذلك.
- هناك ضرر سلوكي تجاه الأموال التي يمتلكها المدمن المقامر وذلك لأنه يقوم بالتخلي عن جميع تلك الممتلكات من أجل إكمال اللعبة والرهان حتى لو كانت تلك الممتلكات معنوية وليست مادية فقط.
- يعاني المدمن المقامر بالعزلة الشديدة عن الأصدقاء والعائلة، بحيث تصبح المقامرة والمراهنة هي الحياة نفسها بالنسبة إليه.
- يزيد إدمان القمار من بعض السلوكيات الخطيرة والتي قد تؤدي للعديد من المشكلات مثل سرقة الأموال وارتكاب الجرائم المتعددة من أجل الحصول على الأموال لاستكمال عمليات المقامرة والرهان وغيرها.
هذه الأضرار الخطيرة تؤدي إلى زيادة المشكلات السلوكية بحيث يتحكم السلوك في عادات الإنسان لذلك كان من الواجب علاج هذا الإدمان السلوكي والتخلص من الإدمان على القمار.
طرق علاج الإدمان على القمار
هناك العديد من البرامج والطرق لعلاج إدمان القمار، والتي تنحصر في برامج المستشفيات العلاجية والمصحات النفسية، وعلاج الإدمان على القمار في الأساس علاج نفسي سلوكي ومعرفي وفيما يلي بعض هذه الطرق العلاجية.
يعتمد علاج إدمان القمار على:
- تغيير الأفكار حول المقامرة، وهو علاج سلوكي ونفسي يساعد المدمن المقامر الخاضع للعلاج من تغيير فكره حول القمار والرهان وبالتالي رؤية هذه السلوكيات التي يقوم بها أنها سلوكيات غير معقولة ويجب التخلص منها على الفور لأنها أفكار تؤدي به إلى الهلاك، أو بمعنى آخر يجد في السلوكيات التي يقوم بها أنها غير صحيحة ويجب تغييرها.
- محاولة تدريب المدمن الخاضع للعلاج لحل مشكلاته الحياتية والضغوط التي يتعرض لها ببعض السلوكيات المنطقية، لأن من أسباب الإدمان على القمار أو أي إدمان آخر هو التعرض لبعض المشكلات الحياتية والضغوط التي تزيد من وتيرة التعرض لمؤثرات خارجية تجعل الدوبامين في مستويات قياسية وبالتالي الشعور باللذة والسعادة الوهمية بعيداً عن الحياة الصعبة.
- علاج سلوكيات المدمن الخاضع للعلاج بحيث تكون توازن بين الرغبات الفورية وبين الأهداف طويلة الأجل.
- غرس أفكار جديدة وبالتالي سلوكيات جديدة لكي تساعد المدمن في الحياة الجديدة البعيدة عن السلوك الإدماني.
- التدريب على بعض المهارات الهامة التي تساعد المدمن على التعافي من خلال مجموعات المساعدة الذاتية، وهي مجموعات تضم المدمنين المتعافين من إدمان القمار، وكيف قاموا بعلاج إدمان القمار ونجحوا في تجاوز الصعوبات في سبيل ذلك، فهذا بلا شك جزء فعّال في طريق علاج إدمان القمار.
- الطرق الدوائية والتي تعد جزء هام أيضاً من علاج إدمان القمار، حيث يعتمد الأطباء على بعض الأدوية مثل ادوية مضادات الاكتئاب والوسواس القهري واضطرابات نقص وفرط النشاط وأدوية تحسن المزاج وعلاج الأعراض النفسية التي في أغلب الأحيان تصاحب مراحل علاج إدمان القمار.
- التدريب على بعض السلوكيات والمهارات التي تعد جزءًا من وقاية المدمن المتعافي من الانتكاس والعودة إلى إدمان القمار مرة اخرى، وهذا يتم من خلال الجلسات الفردية مع الطبيب النفسي.
وفي نهاية الحديث عن علاج إدمان القمار تبقى الأمور الشخصية والذاتية والأسرية هي العامل المحفز لعلاج إدمان القمار.
وذلك من خلال تقوية إرادة الشخص المدمن وتقوية الوازع الديني الذي يحرم ارتكاب لعب القمار، وكذلك الوازع الأخلاقي، وحث إرادة المدمن على العلاج من خلال أسرته التي تعاني هي الأخرى بسبب إدمانه للقمار.
ومن ناحية أخرى دعم الأسرة له طوال مرحلة علاج إدمان القمار واحتوائه نفسياً وعاطفياً من أجل نجاح مسيرة ورحلة العلاج.
تم التحديث في 25 يونيو، 2023 بواسطة دار الشفاء للطب النفسي وعلاج الادمان
لو سمحت
عايز اعرف لو المريض مخدش ادوية وبعد عن القمار
بس في مشاكل نفسية زي اكتئاب بدون سبب وقلة النشاط
هل هيرجع طبيعي بدون ادوية ولا لا
وبيمارس يومه الطبيعي وبيروح التمرين في الجيم