إن مؤشرات اكتشاف المدمن تعتبر من أهم الأسباب المعينة على علاج الإدمان قبل أن يصل المدمن إلى نقطة اللاعودة. ومن ثم فإن دور الأسرة في ذلك خطير لأن عليها الاعتماد الكلي في ذلك.
من أكثر الفئات التي تتعرض للإدمان وتتأثر بالآثار السلبية العديدة له سواء على المستوى الصحي أو المستوى الأخلاقي والنفسي هم الشباب.
وذلك نظراً للعديد من الاسباب التي تتعلق بهم من جانب الأسرة، ومنها أسباب تتعلق بالاحتواء النفسي والعاطفي الذي يفتقدونه في معظم الأحيان.
هذا إلى جانب العزلة التي يشعرون بها، وغير ذلك من الأسباب، لذلك نلقي الضوء في هذا الموضوع على إدمان الأبناء والشباب و دور الأسرة في اكتشاف الابن المدمن، وما هي النصائح الواجب إتباعها في حالة الاكتشاف.
ونستعرض في هذا المقال عدة نقاط هامة حول مؤشرات اكتشاف الابن المدمن من حيث العوامل التي تدفع الأسرة إلى التفاتها نحو الأبناء، هذا من ناحية.
وما هي المظاهر الخارجية والنفسية التي يعاني منها المدمن، والتي في حال ظهورها يلتفت أفراد الاسرة ويبدأون في التدخل الفوري من أجل إنقاذ المدمن وبداية علاجه في مصحة علاج الإدمان وغيرها من النقاط حول هذا الموضوع.
دور الأسرة في اكتشاف الابن المدمن
من المعروف أن الأسرة هي العامل الاهم في تربية الابناء وتنشئتهم على الأخلاق، وبعدهم عن الخطأ والزلل، وارتكاب ما يمكن فعله وتسميته شائنا، بل وبعدهم عن طريق المخدرات والإدمان.
فدور الاسرة يبدأ عند الوقاية والحماية والتربية الصحيحة، التي تنقذ الأبناء من البداية، ثم ينتقل دور الحماية في حال الخطر ووقوع الأبناء في هذه الدائرة المميتة.
لذلك يعتبر دور الأسرة في اكتشاف الابن المدمن يدخل في نطاق الحماية وإنقاذ الأبناء منذ البداية قبل تفاقم الوضع، والوصول إلى الهلاك.
ويبدأ دور الأسرة في اكتشاف الابن المدمن، في التوعية بدور الأسرة، وما عليها من حيث تربية الأطفال وتوعيتهم بخطورة المخدرات.
لكن للأسف تبدأ الأسرة في عملية التوعية في وقت متأخر عندما يبدأ الشباب أو الابناء في تعاطي المخدرات فعلياً، لذلك تبدأ المرحلة الثانية وهي مرحلة الإنقاذ والتي تعتبر جوهر دور الأسرة في اكتشاف الابن المدمن.
فنحن لسنا بصدد الحديث عن دور الأسرة في تربية الابناء فحسب، بل إننا نلقي الضوء في هذه النقطة حول العوامل المساعدة في دور الأسرة في اكتشاف الابن المدمن، والتي نوضحها من خلال النقاط التالية:
- معرفة أفراد الأسرة خاصة الأب والأم معلومات عامة حول المخدرات وأخطارها على الأبناء، وما يمكن أن تشكله المخدرات من مظاهر جسيمة على الابن أو الابنة في حال إدمانهم، وذلك بسبب أن أعراض تعاطي المخدرات في بعض الأحيان تتشابه مع أعراض البرد في بعض الحالات، لكنها مستمرة، كما نوضح بالتفصيل في النقاط التالية، ولكن ما يهمنا هو المعرفة والتوعية الخاصة التي هي جوهر دور الأسرة.
- معرفة ما يمكن فعله في حال الاكتشاف، لأن هناك بعض الاسر، تتصرف بشكل خاطئ، وهو ما يشكل خطراً على حالة الإدمان، وقد يتفاقم الوضع بسبب تلك التصرفات الخاطئة، لذلك يجب على أفراد الاسرة خاصة الأب والأم معرفة ما يمكن فعله في بداية الاكتشاف حتى انتهاء وزوال الخطر.
- معرفة دور الاسرة أثناء علاج الابن ومعرفة النصائح الخاصة التي يمكن اتباعها في كل مراحل العلاج الخاصة بالحالة الإدمانية، وهذه مرحلة متقدمة من دور الأسرة، وتتعدى مرحلة الإكتشاف بالطبع، لكنها تعتبر مرحلة ودور هام آخر مكمل لمرحلة الإكتشاف التي نحن بصددها.
وفي النقاط التالية، نتحدث عن هذه العوامل الثلاثة، والذين يشكلون دور الأسرة في اكتشاف الابن المدمن.
المظاهر الخارجية لشكل المدمن
يعتبر هذا العامل من أهم عوامل مؤشرات اكتشاف المدمن وهو معرفة المظاهر الخارجية لشكل المدمن.
وتلك المظاهر كافية في بعض الأحيان، لمعرفة أن هذا الابن دخل طريق الإدمان، ولابد من التدخل من أجل إنقاذه وعلاجه.
وفيما يلي نتحدث في بعض النقاط عن شكل المدمن من حيث المظاهر الخارجية، تليها بعض المظاهر النفسية والسلوكية:
- يتغير شكل المدمن مع الوقت بسبب تأثير المخدرات، حيث يبدأ المدمن في إهمال مظهره العام، مثل الملابس، وعدم الاهتمام بها، مع عدم الإعتناء بمظهر الشعر أو النظافة الشخصية.
- يعاني المدمن من بعض الأعراض الظاهرية الملفتة للنظر مثل سيلان الأنف وكثرة حكها، وإحمرارها، هذا إلى جانب أنه يعاني من احمرار العين بإستمرار، وهذه للوهلة الاولى تبدو أنها أعراض نزلات البرد العادية، لكنها مستمرة وقد تزيد مع الوقت، عندها يبدأ الشك ان هذه الأعراض غير طبيعية.
- يميل المدمن لبعض الملابس غير الطبيعية، مثل لبس ملابس القمصان ذات الاكمام الطويلة في الصيف، أو عدم لبس البناطيل القصيرة، وذلك لإخفاء وخزات الإبر، وهذا في حالة إدمان الهيروين والكوكايين وغيرها من المخدرات التي يمكن تناولها وتعاطيها عن طريق الحقن.
- يعاني المدمن من بعض الأعراض الحسية الاخرى مثل عدم الإحساس بالوقت، أو التيه عند الحديث، أو عدم الحديث والنطق بشكل سليم، حيث يعاني من تبلد الإحساس، هذا إلى جانب تنميل في الاطراف واضح للعيان وثقل في الحركة في اليدين والقدمين، وهو ما يمكن الالتفات إليه وملاحظته بدقة.
المظاهر السلوكية عند المدمن
أما من النواحي السلوكية والنفسية التي يعاني منها المدمن، والتي عندها يبدأ أفراد الأسرة في التدخل لمعرفة الأسباب، نوضحها من خلال النقاط التالية:
- ميل المدمن إلى العزلة الدائمة، وقلة الكلام، وعدم التفاعل مع الأسرة في المشاكل او المواضيع المختلفة، والمكوث وحيداً في غرفته أو أي مكان آخر، وهذه العزلة ايضاً من المظاهر الشائعة لسلوك المدمن.
- يبدأ المدمن في محاولة الكذب والتحايل على أفراد الأسرة من أجل الحصول على الأموال بطرق متعددة قوامها الكذب والتحايل وإختلاق الأعذار، وهذه الطرق بلا شك تكون ظاهرة للعيان بعد فترة، حيث يلاحظ الأب والأم أو الإخوة أن المدمن يبحث عن المال ويستولي عليه بشتى الطرق، وهو ما يملأ الشك في نفوسهم تجاهه.
- يعاني المدمن من التوتر والقلق الزائد عن الحد، فضلاً عن تعرضه للعصبية من أجل أتفه الأمور، وذلك بسبب تغير كيمياء المخ، بسبب إدمان المخدرات، والتي تسيطر على الجهاز المركزي والخلايا العصبية ومراكز الإحساس بشكل تام، وهو ما يجعله في حالة عصبية وهياج حتى في أتفه المواقف والأمور.
- يعاني المدمن أيضا من الاكتئاب بطريقة ملفته و محاولة الأذى الجسدي أو النفسي للغير أو لنفسه، وهذه مرحلة متقدمة للغاية من إدمان المخدرات وعندها يجب التدخل الفوري من أجل العلاج وإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
هذه المظاهر الحسية والنفسية والسلوكية، تعتبر من أهم مؤشرات اكتشاف الابن المدمن وعندها يبدأ العامل الثاني والذي نتحدث ونلقي الضوء عليه فيما يلي.
ما الذي يجب فعله بعد اكتشاف ادمان الابن؟
في تلك النقطة نحاول أن نلقي الضوء حول دور الأسرة في علاج الإدمان وما يجب فعله في خطوات في غاية الأهمية من أجل إنقاذ المدمن وبداية العلاج.
وهذه الخطوات يجب معرفتها والحذر من الأخطاء التي ترتكبها بعض الأسر والتي قد تؤدي إلى تفاقم الوضع أكثر من ذلك، ومن خلال النقاط التالية نحاول توضيح تلك النصائح:
عدم التعنيف الشديد
الكثير من الأسر، عند اكتشاف الابن المدمن، يقومون بالتعنيف الجسدي، واللفظي، وربما الإيذاء سواء النفسي أو الجسدي، وهو ما يؤدي إلى المزيد من سوء الاوضاع، لذلك على الأسرة أن تتصرف بعيداً عن التعنيف، سواء كان لفظيا او بدنيا.
محاولة التصرف بحكمة وهدوء
على الأسرة محاولة التصرف بهدوء وحكمة مع المدمن وذلك من أجل بداية علاجه، وإقناعه بالعلاج الفوري، والدخول إلى المستشفى أو المصحة العلاجية.
وذلك بتذكيره بانه في خطر داهم، ولابد من التخلص من هذا الخطر، والأخذ بيده بمنتهى الحكمة، ومحاولة إقناعه أن الإدمان مرض يحتاج إلى العلاج، وليست وصمة عار يجب خزي من يرتكبها.
التخلص من جميع مظاهر الإدمان
وهذه المظاهر سواء كانت في المنزل، مثل الحقن الفارغة، أو غيرها من أدوات الإدمان، وهذا في حالة إدمان الابن من في المنزل، أو بعد المدمن عن الأصدقاء أو الأماكن التي كان يذهب إليها وكانت ملجأ له أثناء تعاطي المخدرات.
الاحتواء النفسي والعاطفي
يحتاج المدمن في حالة الاكتشاف وفي بداية العلاج إلى الاحتواء من جانب جميع أفراد الأسرة، وهذا الاحتواء بشتى صوره يساعد المدمن بلا شك على إتخاذ قرار العلاج والبدء به فوراً.
وهنا ينجح دور الاسرة عند تلك المرحلة، لتبدأ مرحلة أخرى تعتبر من العوامل الهامة أيضا من ضمن عوامل دور الأسرة في اكتشاف الابن المدمن.
وهي مرحلة علاج المدمن حيث لا ينتهي دور الاسرة عند الاكتشاف وفقط، بل تأتي هذه المرحلة التكميلية الضرورية من أجل اكتمال العوامل المساعدة في نجاح دور الأسرة في اكتشاف الابن المدمن.
دور الأسرة عند بداية العلاج من الإدمان
كما ألقينا الضوء على المراحل السابقة والتي تعتبر جوهر دور الأسرة في اكتشاف الابن المدمن، نبدأ في إلقاء هذه المرحلة التكميلية التي تساعد على نجاح هذا الدور، وهو معرفة بعض الخطوات الهامة والضرورية عند بداية علاج الإدمان وهو ما نوضحه خلال النقاط التالية:
- الأخذ بيده إلى المصحة العلاجية أو المستشفى، وذلك من أجل بداية خطوات العلاج العضوي والنفسي.
- التواصل الدائم والمستمر مع أطباء علاج الإدمان والقائمين على العلاج، فهذا التواصل يضمن عدة أهداف منها متابعة العلاج الضروري للإبن، ومنها معرفة الخطوات التالية والتي تعتبر الأسرة لها دورا كبيرا فيها خاصة في المراحل التالية وهي مرحلة العلاج النفسي والسلوكي.
- عدم الضغط من أجل خروج المدمن من المستشفى أو المصحة قبل اكتمال العلاج، فبعض الأسر ترتكب هذا الفعل الخاطئ إما عن عمد بسبب عدم صبر الاسرة على اكتمال العلاج، وإما عن جهل بخطوات العلاج الهامة والتي تنقسم إلى مراحل علاج عضوية ومراحل علاج نفسية.
- تهيئة الأجواء حول المدمن، خاصة بعد الخروج من المستشفى أو المصحة، وذلك بمحاولة بعده عن المشاكل الخاصة والتي كانت سبب من بعض أسباب إدمانه، ومحاولة حل تلك المشكلات، هذا إلى جانب تدريب الأسرة على حل المشكلات بعيداً عن الطرق التقليدية التي تؤثر على المدمن المتعافي.
- مراقبة المدمن المتعافي أو الخارج من المصحة العلاجية مع ضرورة التواصل مع الطبيب النفسي، ويجب أن تكون هذه المراقبة بعيدة عن ما يجرحه، وبعيدة عن الإحراج الذي يسبب الاذى النفسي للمدمن.
تلك النقاط في النهاية والتي تشكل العوامل المساعدة لنجاح دور الأسرة في اكتشاف الابن المدمن، منها ضرورية وجوهرية ومنها تكميلية كما أوضحنا في نقاط هذا المقال، وما حولنا تسليط الضوء عليه، لكنها تبقى في النهاية عوامل في غاية الأهمية.
تم التحديث في 2 أغسطس، 2023 بواسطة دار الشفاء للطب النفسي وعلاج الادمان