هل ادمان الاطفال يمكن أن يحدث وهل يمكن للآباء معرفة ذلك؟ إن الخوف الأكبر بالنسبة لأي أب وأم حول العالم هو ما إذا كان طفلهم سوف يعاني من مشاكل مع تعاطي المخدرات أو الكحوليات. لكن هل الأطفال أكثر عرضة للإدمان ؟
وفقاً لمسح من Parent Co جرى على أكثر من 1500 مشارك، وجد أن الخوف من الإدمان على المخدرات والكحول يفوق بشكل كبير المخاوف المتعلقة بالإرهاب والانهيار الاقتصادي والجريمة والحروب.
وعند مشاركة نتائج هذا الاستطلاع يمكن تجميع آراء الناس في ثلاث محاور رئيسية:
- آباء يقولون “بالطبع هذا هو أكبر مخاوفنا!”
- آباء يسألون ما إذا كان بالإمكان تحليل سلوك أطفالهم ومعرفة علامات الإدمان قبل حدوثها.
- آباء يسألون عن العوامل التي تسهم في الإدمان
وفي بحث من Motherly بالتعاون مع AddictionWise وجد أنه ما بين تعاطي المواد الضارة مثل الكحول أو المخدرات أو السجائر أو القمار أو الجنس أو الطعام، يمكن أن يوجد الإدمان في صور متعددة.
لكن هل الأطفال أكثر عرضة للإدمان ؟ هناك أدلة قوية على أن بعض الناس يولدون أكثر عرضة لتعاطي المخدرات من غيرهم، كما تشير بعض الدلائل إلى إمكانية توقع خطر إصابة الطفل بالإدمان مستقبلاً.
هل الأطفال أكثر عرضة للإدمان ؟
حسب بعض الدراسات قد تساهم العوامل الوراثية، والعلاقات في الطفولة، والتأثيرات البيئية والاجتماعية، وتجارب المراهقين، ووجود اضطراب في الشخصية إلى تطوير السلوكيات الإدمانية لدى الطفل، وتعتبر أكبر مؤشرات مشاكل الإدمان في المستقبل هي:
- العوامل الوراثية، التاريخ العائلي مع الإدمان
- العلاقة مع أصدقاء وأقران يتعاطون المخدرات
- تجارب المخدرات والكحول في مرحلة المراهقة
وجدير بالذكر أن الكثير من الآباء والأمهات يطرحون سؤال “هل الأطفال أكثر عرضة للإدمان ؟” في كثير من الأوقات.
وتشير الأبحاث إلى أن فهم الوالدين لآليات الإدمان قد تساعد في وقاية الأطفال من مخاطر الإدمان في المستقبل.
العوامل الوراثية في إدمان الاطفال
أظهرت العديد من الدراسات أن أطفال الآباء المدمنين تكون لديهم احتمالات كبيرة بأن يكونوا مدمنين بأنفسهم.
ويمكن أن تلعب العوامل البيئية دوراً في هذا، لكن تاريخ الإدمان في العائلة قد يكون هو أقوى مؤشر على مخاطر إدمان الطفل في المستقبل.
ووفقاً للمركز الطبي الوطني الأمريكي للإدمان، فإن العوامل الوراثية تُمثّل حوالي 50 في المائة من أسباب الإدمان.
وأكّد الدكتور أ. توماس ماكليلان أنّه على الرغم من الحاجة إلى مزيد من الأبحاث حول هذا الموضوع إلا أن العوامل الوراثية لها دور حاسم في تحديد ما إذا كان الفرد سوف يتطور لديه سلوك إدماني أم لا.
تماماً مثلما تنتقل الأمراض المزمنة من جيل إلى آخر داخل العائلة. ويجب على الآباء والأمهات التأكّد من التاريخ العائلي مع الإدمان قبل طرح سؤال هل الأطفال أكثر عرضة للإدمان.
علاقة ادمان الاطفال بالمزاج غير المنضبط
في السنوات القليلة الماضية ركزت الأبحاث على الكيفية التي يرتبط بها المزاج غير المنضبط في الأطفال ارتباطاً قوياً باحتمالية الإدمان في المستقبل.
ووجدت دراسة في نيوزيلندا أن الأطفال تحت الثلاث سنوات ذوي المزاج غير المنضبط كانوا أكثر عرضة للإدمان على القمار في المستقبل بنسبة تزيد على ثلاثة أضعاف، مقارنةً مع الأطفال في نفس الفئة العمرية ذوي المزاج المنضبط.
وتشمل جوانب المزاج الغير منضبط ما يلي:
- عدم ضبط النفس، بما في ذلك المشاعر المتغيرة بسرعة
- سلوك متهور ومتعمد
- مستويات عالية نسبياً من المشاعر السلبية مثل العواطف السلبية
- أقل وعي وتوافق اجتماعي مقارنةً بمن في سنهم
وحتى بعد حساب عوامل مثل الذكاء والحالة الاجتماعية والنوع والوضع الاقتصادي لا زالت العلاقة مع الإدمان قائمة.
العلاقة مع الأقران والبالغين وعلاقته بإدمان الاطفال
بالإضافة إلى العوامل السابقة يمكن أن تؤثر بيئة الطفل والأسرة على تطوير العادات المسببة للإدمان.
وقد أشار الدكتور روبرت ب. ميلمان إلى أن الأطفال الذين لديهم علاقات سيئة مع أقرانهم أو علاقات سيئة مع البالغين هم أكثر عرضة للإدمان.
في حين أن الأطفال الذين لديهم علاقات إيجابية كانت احتمالية الإصابة لديهم أقل. لذا يجب على الآباء والأمهات توفير بيئة اجتماعية سليمة قبل طرح سؤال هل الأطفال أكثر عرضة للإدمان.
لأن الطفل الذي يعاني من الإساءة يكون أكثر عرضة لخطر الإدمان في وقت لاحق من حياته.
مرحلة المراهقة وعلاقتها بإدمان الاطفال
وجدت دراسة استطلاعية استمرت 30 عاماً أن المراهقين الذين تعرضوا للاكتئاب المبكر ظلوا في خطر متزايد من النتائج السلبية.
وما يقرب من 50 في المائة من المراهقين الذين جربوا الكحول أو المخدرات قبل سن 15 عام كانت احتمالية تعاطيهم للمواد نفسها في البلوغ كبيرة.
وبالمثل فإن الأطفال الذين يشعرون بالعزلة أو الغربة يواجهون خطر الإدمان للمواد المخدرة أو الكحوليات، وبسبب أشياء مثل افتقار الثقة في النفس أو عدم معرفة كيفية التواصل مع الآخرين قد يتحولون إلى تجربة مواد تسبب الإدمان.
ادمان الاطفال وصدمة الطفولة
عندما يعاني الطفل من صدمة مثل الاعتداء الجسدي أو النفسي أو الجنسي، أو وفاة أحد الوالدين، أو الإهمال من الآباء، فقد يتحول إلى المواد الإدمانية لمساعدته في التغلب على الألم والتوتر الناتج عن هذه الصدمة.
وخاصةً إذا لم يتعلم الطفل استراتيجيات التكيّف الصحي مع هذه الصدمة.
وجدير بالذكر أن الإدمان ليس بالضرورة نتيجة وجود “شخصية إدمانية” بقدر ما هو نتيجة للتغيرات في كيمياء الدماغ.
ويؤكد الدكتور ألان ليشنر مدير المعهد الوطني الأمريكي للإدمان، أن تعاطي المخدرات والكحول هو فعل طوعي يمكن أن يحول إلى قهري وفي النهاية إلى إدمان يومي، خصوصاً وأن التعاطي المستمر للمخدرات يغير من عمل الدماغ وهيكله.
وحسب موقع Drugabuse.gov فإن تطور الإدمان يشبه دورة مفرغة، فالتعاطي المستمر للمخدرات لا يعيد تحديد أولويات الشخص فحسب.
بل قد يغير أيضاً مناطق الدماغ الرئيسية اللازمة للتحكم في ضبط النفس، وتعمل هذه المراكز الدماغية على زيادة قدرة الفرد في التحكم بتعاطي المخدرات أو وقفه تماماً.
ولهذا السبب فإن قوة الإرادة وحدها غير كافية للتغلب على الإدمان حيث أنّه يؤثر على المناطق الدماغية المسئولة عن الرفض وقول لا للمخدرات.
وفي النهاية يمكن تلخيص الإجابة على سؤال هل الأطفال أكثر عرضة للإدمان في بضعة نقاط:
- يبدأ الإدمان عادةً كعرض وليس سبب، لسوء التوافق الشخصي والاجتماعي.
- الإدمان هو عملية معقدة، فكثير من الناس يتعاطون المخدرات دون أن يصبحوا مدمنين.
- يجب دوماً النظر إلى الإدمان في سياق تاريخ نمو الشخص، فغالباً ما يحدث نتيجة استعداد بيولوجي أو سلوكي. فبعض الدراسات مثلاً تشير إلى أن الأشخاص المصابين بالاكتئاب أكثر عرضة لتعاطي المخدرات.
- الميول الإدمانية لا تعني أن الطفل سيصبح حتماً مدمن، والفهم الأبوي لآليات الإدمان يمكن أن يساعد بقوة في الوقاية.
- تظهر الأبحاث أن الآباء والأمهات يمكنهم مساعدة الأطفال على تعلم ممارسة ضبط النفس، وهو عامل رئيسي في الوقاية المستقبلية. وحتى الأطفال غير المنضبطين يمكن أن يستطيعوا ضبط النفس بمرور الوقت، المهم أن يتعلموا كبح جماح دوافعهم.
تم التحديث في 25 يونيو، 2023 بواسطة دار الشفاء للطب النفسي وعلاج الادمان