شهدت العلاقة بين منظومة القيم عند المراهقين والادمان تطورا كبيرا في الآونة الأخيرة، وأصبحت هذه القضية في مقدمة الموضوعات التي تثير الجدل والنقاش.
حيث أن مشكلة القيم عند المراهقين مؤخرا أصبحت من المشكلات البحثية التي تثير الجدل وأصبحت تفرض نفسها بقوة على طاولة النقاشات والأبحاث والدراسات.
لكونها مسألة في غاية الأهمية، حيث أنها تعتبر قضية تربوية في المقام الأول، وتستدعي هذه المشكلة البحث العميق لدراسة الواقع وتطورات المعايير التي تحمل قيم وأخلاق المجتمعات.
والجدير بالذكر أن المراهقين يجدون أنفسهم أمام حيرة شديدة تجاه ما يشاهدونه من تناقضات كثيرة في القيم.
فعلى سبيل المثال تناقض في القيم داخل الأسرة الواحدة وكذلك تناقض في خارج المنزل، وهناك تناقضا آخرا في المدرسة.
وكذلك تناقض فيما يقدمه الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، مما قد يدفع المراهقين إلى اتباع سلوكيات متهورة تجاه المواقف المختلف التي يواجهونها في حياتهم اليومية.
والمراهقين في هذه المرحلة يمرون بمرحلة شديدة الحساسية من حيث الناحية العاطفية أو النفسية أو العقلية.
كما أنهم يكونون على أبواب السقوط في دائرة الإدمان في حال عدم وجود من يحتويهم ويوجههم نحو القيم النبيلة والأخلاقيات المثالية.
مراحل تطور العلاقة بين منظومة القيم عند المراهقين والادمان
عند تناول العلاقة بين منظومة القيم عند المراهقين والادمان فلابد من توضيح أن المراهقين اليوم قد يكونون خرجوا إلى الحياة في ظل تأخير مفرط من قبل الأهل في تأسيس القيم السليمة وغرس المبادئ النبيلة وتثبيتها داخلهم.
وهي الخطوة المفترض القيام بها منذ مرحلة الطفولة لكي يكتسبها الأطفال ويسلمون بها على أنها ثوابت.
وهي من العوامل والأسباب الرئيسية في تغيير منظومة القيم عند المراهقين، وما زاد في تعميق المشكلة تجاه المراهقين إلى ممارسة العديد من السلوكيات الخاطئة والانحرافات التي تختلف كليا مع سلوكيات وتقاليد وقيم المجتمع سواء على سبيل التجربة أو التمرد على الواقع مثل:
ازدواجية الآراء والمعايير
تأتي هذه النقطة مقدمة منظومة القيم عند المراهقين والادمان، حيث يصدر عن المراهقين مجموعة متناقضة من الآراء والأفكار والتي تعتمد على معايير مزدوجة.
فيما يعني أن يكون المراهق متبني فكرة أو قرار مبني على معايير معينة قد تكون بعيدة كل البعد عن القناعات الثابتة والقيمة الراسخة.
فبالتالي تغيب المسؤولية من حيث تحمل نتائج القرار وعواقبه نتيجة وجود ارتباط مباشر بين اختيار القرار وكيفية التعامل مع نتائجه.
ظهور الميكيافيلية السلوكية وتأثيرها على منظومة القيم عند المراهقين والادمان
وهي ما يعني أنه عند رؤية العديد من الأمور والنظر إليها بدون وضع البعد القيمي في عين الاعتبار.
مما نتج عنه الكثير من الميكيافيلية السلوكية عند المراهقين ممن يفعلون ذلك، وهي تلك السلوكيات التي لا تؤمن إلا بالوصول إلى المنفعة الخاصة وتحقيق المصلحة الشخصية تحت أي ظرف باستخدام أي وسيلة.
وهذا ما يدل على أنها سلوك انتهازي غير سوي، حيث لا يتماشى مع البناء القيمي الصحيح، ويتنافى مع قواعد وقيم الانسانية.
فقدان الهوية
والهوية المقصودة ليست البطاقة الشخصية التي تحمل اسم الانسان أو عنوانه، بل الهوية هي كل ما يجعل المراهقين على علم بذاتهم ويعرفونها بدرجة عميقة.
فيما يعني أنها تكمن فيما يسهل على المراهقين ويساعدهم في تنمية قدراتهم في خلقة مساحة من الخصوصية الخاصة بهم.
وهي من أصعب الأمور التي يصعب وجودها حاليا نظرا لتخبط القيم في المجتمع.
غياب القدوة وتأثيره على منظومة القيم عند المراهقين والادمان
حيث يعتبر غياب الشخصية النموذجية أو القدوة الذي يستحق أن يحتذى به عند المراهقين، وهي تلك الشخصية التي تقوم بالإقناع عليه.
مما أدى إلى أن المراهقين اليوم أصبحوا يفتقدون التوجيه الصحيح نحو أهدافهم، ويقع في دائرة الإدمان أو الانحراف السلوكي.
العلاقة بين منظومة القيم عند المراهقين والادمان وفساد الخطاب الإعلامي
الجدير بالذكر أن الخطاب الإعلامي له تأثير و انعكاس كبير على تطور العلاقة بين منظومة القيم عند المراهقين والادمان.
خاصة عندما يستخدم الخطاب الإعلامي أفضل الوسائل المتطورة بهدف التضليل أو التشتيت.
وتتضاعف خطورة الخطاب الإعلامي أكثر عندما يكون قناة لتمرير رسائل تدمر المجتمع وتؤثر على كل ماهو أخلاقي ومثالي وتستهدف تشويه القيم والسلوكيات.
وهو مايزيد من احتمالية التأثير والاقناع لهذه النوعية والنماذج من الخطابات الاعلامية.
غياب الاستقلالية ودوره في التأثير على العلاقة بين منظومة القيم عند المراهقين والادمان
الاستقلالية مهمة جدا للمراهقين لشعورهم بأنهم أحرار ومسئولين عن أفعالهم مما يكبهم التوازن النفسي والاستقرار.
ومع غياب الاستقلالية أصبح المراهقون متجهون في الطريق الخاطئ، والعكس أيضا قد يلحق الضر بالمراهقين وبالمجتمع.
فعلى سبيل المثال عند تربية الابناء على التثبت بالآراء وعدم تقبل وجهات النظر الأخرى تحت مبرر الاستقلالية، فإننا فهذه الحالة سوف نكون سببا في خروج اجيال غير سوية للمجتمع.
لذلك من الأفضل أن يهتم الأهل بتمرير القيم السليمة للمراهقين واقناعهم باحترام الرأي الآخر وتقبل الآخر بكل تناقضاته واختلافاته.
آثار ضعف النظام التربوي في العلاقة بين منظومة القيم عند المراهقين والادمان
حيث أن الضعف في الأنظمة التربوية أحد الأسباب الرئيسية في انهيار منظومة القيم لدى المراهقين.
ويظهر ذلك بشدة عندما لا تتناسب اختيارات المراهقين وقراراتهم مع نظام التربية، الأمر الذي يحتاج إلى إعادة نظر من قبل الأهل.
الصراعات النفسية الناتجة تطور العلاقة بين منظومة القيم عند المراهقين والادمان
يواجه المراهقين العديد من الصراعات التي قد تكون دافع للسقوط في دائرة الإدمان ومن ضمنها :
- شعور المراهق بالصراع بين مغريات مرحلة الطفولة ومرحلة الرجولة، حيث أن كل مرحلة لها معالم خاصة بها ولايمكن الجمع بين المرحلتين.
- الصراع المشتعل داخل نفس المراهق بين شعوره الشديد بنفسه وشعوره الشديد بالآخرين.
- الصراع الجنسي بين الشعور بالحاجة الجنسية وبين تقاليد وقيم المجتمع، أو بين حاجته وبين نفسه وضميره.
- الصراع الديني بين شعائر وتعاليم الدين وبين ما يتخيله ويتمناه في تفكيره.
- الصراع العائلي بين الرغبة الشديدة في الحرية والانطلاقة والخوف من قيود الأهل والعادات والتقاليد، وبين سلطة أحد الأبوين.
- الصراع بين مرحلة الشباب والمثالية والسلام، والواقع.
- الصراع بين جيل المراهقين وجيل كبار السن.
العلاقة بين منظومة القيم عند المراهقين والادمان و أسباب تدهورها
- في البداية الفجوة بين الجيلين كبار السن والمراهقين والهجر في بعض الأحيان.
- وجود أوقات فراغ كثير غير موظفة لدى المراهقين مما يجعلهم عرضة لممارسة الانحرافات واتباع سلوكيات خاطئة.
- اصدقاء السوء وغياب الرقابة من قبل الأهل ابرز العوامل المتحكمة في منظومة القيم عند المراهقين والادمان.
- متابعة بعض المجلات أو الكتب الهدامة للمجتمع والقيم والأخلاق.
- الاستخدام السيء لمواقع التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وغيره تؤثر بشكل مباشر على منظومة القيم عند المراهقين والادمان.
خطوات حماية منظومة القيم عند المراهقين
لحماية منظومة القيم عند المراهقين لابد من:
- تكثيف الرقابة على المراهقين والالتزام أمامهم باتباع السلوكيات الصحيحة وتشجيعهم على ممارسة الانشطة المفيدة والتي تحقق نفعا للمجتمع ويتعلمون منها أخلاقيات حميدة.
- الحفاظ على تصرفات الأهل أمام الأبناء والالتزام بالأفعال الصحيحة
- تجنب الاستخدام السيئ لوسائل الإعلام المختلفة
وفي النهاية نستنتج أن العلاقة بين منظومة القيم عند المراهقين والادمان شهدت العديد من التغيرات لتضمن الكثير من السلوكيات الخاطئة.
الأمر الذي يعد في غاية الأهمية، و قد ينتج عنه نتائج سلبية تدمر أجيال كاملة وتلحق الضرر بالمجتمع في الأخلاق.
والقيم هي أعمدة المجتمع والتي يمكن الحفاظ عليها عبر احتواء هذه الشريحة العمرية وبث القيم الحميدة والسلوكيات الجيدة في نفوسهم منذ الصغر، واحكام الرقابة على كافة الجهات التي تخاطب المراهقين.
تم التحديث في 25 يونيو، 2023 بواسطة دار الشفاء للطب النفسي وعلاج الادمان