هناك العديد من المفاهيم الخاصة التي تفرق بين الإدمان وغيره من المفاهيم الأخرى، حيث يقوم بعض الأطباء من خلال الدراسات الطبية الخاصة بإدمان المخدرات على وضع مفاهيم خاصة سواء للإدمان أو المفاهيم المرتبطة به.
وذلك من أجل التوعية المثالية للمجتمع حول الإدمان وكل ما يتعلق به من خلال تلك المفاهيم والدراسات الطبية.
لذلك نقوم في هذا المقال بتناول الفرق بين مفهوم في غاية الأهمية من أجل التفريق بين حالة هذا المفهوم وبين مفهوم الإدمان.
ويعتبر هذا المفهوم الذي ظهر حديثاً وهو مفهوم الإعتماد الذي نتناوله بالتفصيل من خلال نقاط خلال هذا المقال، قريب جداً من مفهوم الإدمان.
إلا إنه يختلف في الخصائص والتعريف والمظاهر، والعوامل المرتبطة به والفرق بينها وبين الإدمان، وهو ما نتناوله خلال السطور القليلة القادمة.
ما هو الإعتماد من حيث المفهوم؟
الاعتماد هو حاجة الجسم البشري إلى دواء ما أو مؤثر خارجي لكي يقوم بوظائفه الاعتيادية الحيوية، وهذا المؤثر الخارجي يساعد بعض الوظائف الحيوية اليومية على العمل.
وإذا تم إيقاف هذا المؤثر يتعرض الجسم إلى أعراض انسحابية خطيرة، وهذه الاعراض تشبه إلى حد بعيد أعراض إنسحاب الإدمان العادية مثل القيء والغثيان والتعرق والإسهال وتستمر إلى عدة أيام أو أسابيع حسب الحالة.
المفهوم السابق قد يجعل الكثير من الناس يخلطون بين مفهوم الاعتماد وبين مفهوم الإدمان وذلك بسبب تشابه أعراض وظروف الإدمان مع ظروف وأعراض الاعتماد.
إلا ان الحقيقة يختلف المفهومين تماما، وذلك بسبب ان الإعتماد قد يكون على بعض الادوية غير المضرة وهو لا يصل الحال إلى الإدمان باي حال من الأحوال.
ماهو الفرق بين الاعتماد والإدمان من حيث العوامل والظروف؟:
وللإجابة على السؤال الهام، لابد اولاً من تعريف واضح للإدمان، فقد تعددت مفاهيم وتعريفات للإدمان إلا أنها اتفقت على أنه يمكن تعريف الادمان على أنه اضطراب سلوكي ونفسي يصيب الإنسان بعد فترة من تناول أدوية او مخدرات او عمل عادات تساعد الإنسان على إفراز هرمونات السعادة والنشوة في المخ.
وبالتالي تصل الحالة إلى مرض يلم بالإنسان سواء بسبب إفراز تلك المواد من المؤثر الخارجي الذي يدمنه الشخص.
أو بسبب الآثار السلبية والخطيرة على الصحة العامة وخاصة الجهاز العصبي وخلايا المخ.
والذي نجد مع الوقت عدم خروج المدمن من الهروب من تناول هذه المواد إلا بالعلاج والإصرار عليه، وهذا يختلف بطبيعة الحال عن مفهوم الإعتماد، إلا أنهم يتفقان تقريبا على وجود المؤثر الخارجي.
لذلك نناقش في هذا العنصر العوامل والظروف التي ترتبط بكل من مفهومي الاعتماد والإدمان حتى يتبين المفهوم الحقيقي والإختلاف بينهما.
وذلك من خلال توضيح تلك العوامل في النقاط التالية:
الأعراض الانسحابية
لا تشكل الأعراض الانسحابية للاعتماد خطراً على حياة الإنسان، كما تشكل مرحلة مؤقتة من الممكن ألا يتم علاجها.
لأنها تنتهي بعد فترة من إيقاف المؤثر الخارجي أو الدواء او غير ذلك من المادة المعتمد عليها.
وهذا يختلف بطبيعة الحال عن الأعراض الانسحابية للإدمان التي تحتاج إلى علاج قد يستمر إلى عدة أسابيع.
وفي حالة عدم العلاج تشكل هذه الأعراض خطر من الناحية الصحية والحياتية للمدمن، فقد يؤذى نفسه وغيره.
لذلك تحتاج علاجها إلى إشراف طبي عاجل ودقيق.
وظائف الجسم
هنا فرق جوهري بين الاعتماد والإدمان في الحالة الوظيفية للجسم، حيث تعتبر حالة الاعتماد لا تشكل خطراً على وظائف الجسم، بل العكس هو الصحيح.
قد يحتاج الجسم الاعتماد على بعض أنواع المهدئات والمسكنات للتخفيف على المريض الذي يعاني من الآلام المصاحبة لبعض الامراض المزمنة، مثل داء السكري او السرطانات، أو الفشل الكلوي، أو مرض فيروس سي الوبائي وغيرها من تلك الأمراض التي تستمر لفترات طويلة من العمر في غالب الأحيان، ويصاحبها آلام عنيفة.
لذلك يحتاج الأطباء وصول المريض إلى حالة الاعتماد من أجل التخفيف من أعراض تلك الأمراض المزمنة.
أما الإدمان فهو يختلف تماما عن حالة الاعتماد سواء في المؤثر الخارجي او الحالة الوظيفية للجسم.
فمن حيث المؤثر الخارجي نحن نتحدث هنا عن إدمان المخدرات أو إدمان عادة سيئة قد تضر الإنسان قد يكون هذا المؤثر المخدرات أو الأقراص المهدئة او إدمان عادات سيئة ليست من فطرة الإنسان السليمة.
وفي أغلب الأحيان تكون هذه المادة المؤثرة طريقة لإشباع حاجة الإنسان حتى يصل الأمر إلى عدم التوقف عنها حتى ينتهي الأمر بالضرر الجسيم.
وهنا يأتي الحديث عن الحالة الوظيفية للجسم، التي تعاني كثيراً من حالة الإدمان، بسبب المخاطر الصحية الجسيمة سواء على خلايا المخ، او الجهاز العصبي، أو أجهزة الجسم الأخرى، وهو مالا نجده في حالة الاعتماد.
الإشراف الطبي
هناك إختلاف كبير في حالة الإعتماد عنها في حالة الإدمان، حيث أن الإعتماد يحتاج إلى الإشراف الطبي من حيث عدد الجرعات المستخدمة يومياً وفي نوع الأقراص المهدئة او المسكنات، او أي مؤثر خارجي آخر.
هذا إلى جانب مراعاة الحالة الوظيفية للجسم عند كل حالة على حدة، وذلك في حالة الإصابة بالأمراض المزمنة.
أما في حالة الإدمان فهي بالطبع بعيدة عن الإشراف الطبي، ففي غالب الاحيان يهرب الفرد من الإشراف الطبي في حالة الاعتماد بشكل كامل على الأقراص المخدرة حتى يصل الأمر إلى الإدمان.
لذلك نجد انه من طبيعة الحال أن إدمان أي مؤثر خارجي يبتعد عن أي إشراف طبي.
الخط الفاصل بين الاعتماد والإدمان
هناك خط فاصل بين حالتي الإدمان والاعتماد ويتمثل هذا الخط في خصائص كل منهما، والتي تختلف عن الآخر.
حيث نجد أن الإدمان وخصائصه يبدأ عند نهاية حالة الإعتماد أو بمعني أكثر دقة أن تطور حالة الإعتماد بدون ضوابط او بدون إشراف طبي يعرض الإنسان إلى الانتقال إلى حالة الاعتماد الكلي أو الإدمان.
وهذا يظهر بوضوح في إدمان الأقراص المسكنة والمهدئة والتي يصل الأمر إلى عدم الاستغناء عنها وهو ما يستدعي العلاج فوراً.
وهنا ينبغي من أجل التفريق بين المفهومين، او إيضاح ذلك الخط الفاصل ان نذكر خصائص الإدمان في نقاط سريعة:
- الرغبة والاستمرار على تعاطي المادة او المؤثر الخارجي وعدم الاستغناء عنه، حتى مع علمه بضرر تلك المؤثرات الخارجية على الصحة العامة له.
- زيادة الجرعات مع الوقت من هذا المؤثر الخارجي، وذلك لأن المخ وأعضاء الجسم، تحتاج إلى ذلك الأمر بسبب الاعتماد الكلي وعدم الاستغناء عن تلك المواد، وهو ما يؤثر بطبيعة الحال على وظائف الجسم بشكل كبير.
- الاعتياد النفسي على إدمان تلك المواد، لأن آثارها تمتد لفترات كبيرة، مما يؤثر على خلايا المخ، والجهاز العصبي للإنسان، وهو ما يسبب الأمراض النفسية والعقلية واضطراب السلوك الذي يحتاج إلى العلاج لفترات طويلة قد تستمر إلى عدة شهور.
لذلك نجد أن هناك خط فاصل دقيق بين الاعتماد والإدمان وهذا يعتمد على عدة ظروف وعوامل قد يصل إليها الإنسان كلية او جزء منها، وهو ما حاولنا الربط بينه وبين المفاهيم الخاصة بكل من الاعتماد والإدمان، من خلال نقاط هذا المقال.
تم التحديث في 1 سبتمبر، 2023 بواسطة دار الشفاء للطب النفسي وعلاج الادمان